الخلاصة:
يعالج هذا البحث قضية رقم 98 / 1925 التي بنيت على المرسوم الذي أصدره المندوب السامي البريطاني في فلسطين، الخاص بتملّك مياه ينبوع قرية إرطاس، ونقل مياهه إلى القدس، حيث تم التركيز على: خلفية اتخاذ القرار وأسبابه، وعلى أسباب رفض القرار من قبل محكمة الملك الخاص في لندن، بناءً على احتجاج أهالي القرية، واستئنافهم لدى مجلس الملك.لقد شكلت هذه القضية تحدّياً لأهالي قرية إرطاس الفلسطينيين من جهة، والمندوب السامي البريطاني (هربرت صموئيل) ومشروع الاستيطان الصهيونيّ في فلسطين من جهة أخرى. عزا الانتداب البريطاني إصدار مرسوم تملك مياه إرطاس إلى فترات الجفاف، التي حصلت في فلسطين ما بين الأعوام 1925 _ 1936. وصدر القرار بدعم من بلدية القدس، التي كان أغلبية أعضائها من الضباط البريطانيين واليهود؛ وبسبب توسّع مدينة القدس، وإنشاء أحياء سكنية جديدة للمهاجرين، ما تطلب توفير كميات كافية من المياه لهم؛ لتغطية احتياجات هؤلاء المهاجرين اليهود. وقد نصّ مرسوم ينبوع إرطاس على: السيطرة على المياه، وتملّكها، ونقلها إلى القدس، وذلك على الرغم من تعارضه مع بنود صك الانتداب البريطاني على فلسطين، وحقوق سكان الإقليم. تناول البحث أسباب نقض مرسوم ينبوع إرطاس؛ لتعارضه مع بنود صك الانتداب، ووظيفة الانتداب ذاته في العمل على إدارة مصالح الإقليم دون التعرض لمصالح المواطنين، والمساس بحقوقهم المدنية، إذ أن الانتداب من حقّه إدارة الإقليم لتحقيق المصلحة العامة، ومصالح سكانه، ولا يحق له فرض سيادته على الإقليم الواقع تحت الانتداب واستملاك موارده الطبيعية.وتوصل البحث إلى أنه تم نقل المياه لتلبية احتياجات المهاجرين اليهود في القدس، وصدر المرسوم لصالحهم من دون الأخذ بعين الاعتبار مصالح المواطنين العرب الفلسطينيين أصحاب الأرض والينبوع.من المهم التّنويه إلى أنه في سبيل إنجاز هذا البحث لم تتوافر المراجع اللازمة لعدم وجودها نهائياً، وأن هذا الموضوع بالذات لم تتناوله دراسات عربية بشكل عام، ولا فلسطينية بشكل خاص، وإنّما تعرّضت له المجلة الأمريكية للقانون الدولي في العام 1926م. وفي بحثنا هذا تم الاعتماد على نصوص صك الانتداب بشكل عام، وعلى مقالات، وبحوث تم نشرها على مواقع الانترنت المذكورة بشكل خاص، والتي تتحدّث عن القدس وإرطاس من الناحية الجغرافية؛ لإثراء البحث بالمعلومات اللازمة، وعليه نُوصي بتشجيع البحث في مثل هذه المواضيع النادرة للإلمام، والوعي بها وفهم الماضي لبناء مستقبل زاهر، والسّعي لتوفير المراجع المتخصّصة وغير الموجودة في فلسطين نهائي.