الخلاصة:
إنّ القرآن الکريم يتميز بميزات فنية جمالية عديدة بعضها ظاهرة وبعضها مازال خامدا تحت لثام جهل الدارسين؛ ومن أهم أبعاد إعجازه الإعجاز السردي القصصي، بحيث إنّه يجاري بل يفوق کثيرا من القصص المعاصرة. فدراسة السرد في هذا المصحف الشريف يقوم بإنجاز وظيفة مهمة هي إبلاغ رسالة القرآن الفنية وتبيين إعجازه الروائي. وهي غاية تؤدي إلی اتجاه جمع غفير من الأدباء أو غيرهم إلی معرفة ينبوع الإسلام الزاخر بالکنوز خفية وجلية. وهناک دراسات مختلفة في السرد نفذها الدارسون في أقصی أنحاء العالم، ومن هؤلاء الذين شمروا عن سواعدهم لينالوا قسطاً من هذا العلم هو جوزيف ميشال شريم في کتابه دليل الدراسات الأسلوبية. فاستهدفت هذه المقالة أن تدرس قصة النبي موسی- عليه‌السلام- في سورة طه علی أساس مقترح ميشال شريم في کتابه دليل الدراسات الأسلوبية؛ فهو اقترح دراسة النص السردي انطلاقاً من المحور الذي سماه علی حد وصفه بـ: الطبقة وهي تعني دراسة النص عبر مقولات ثلاث هي: القرينة، والوظيفة والمبلغة. وکل من هذه المقولات الثلاث يتشعب إلی فروع، ويأخذ طرفاً من واجهة التجميل القصصي. تنوي المقالة أن تری مدی فاعلية القرآن في نضوج هذا البعد النظري وتجيب عن هذه الأسئلة: هل کل النقاط المتأملة عند ميشال شريم تنطبق علی ما جاء في القرآن؟ وکيف تؤثر علی توسيع إدراک المتلقي في فهم النص؟ ثم اهتمت بما يسمی بالأبعاد السرد الوجدانية. استنتجت هذه المقالة بأن ما ورد في مقترح ميشال شريم من الأبعاد المختلفة أدی إلی تکثيف دلالية قصة موسی وتبيين تناسقها الدلالي. فالقرينة ساعدت علی استکشاف البؤر المرکزية في القصة ثم إبراز الإبداع الفني في تصوير الأحداث؛ والوظيفة کشفت عن ساقي الکتل المعقدة الصغيرة التشجيعية ومدی دورها الحاسم في سيرورة القص؛ ثم المبلغة وهي مکعب الفضاء القصصي البارز في الأمکنة والأشياء والحرکات رسمت الطقس البيئي الذي کان يعيشه النبيّ موسی - عليه‌السلام- آنذاک. والزمن النفسي يبطئ تارة ويسرع تارة أخری، وهو أدی إلی کشف ماهية الشخصيات البعيدة.
