Abstract:
إن الـدول العظمى تحدد سـياستها بناءً على مصالحها، ولا مجال للفرديـة أو العواطف فيها. وعندما اهتمت بريطانيا بالحركة الصهيونية، فإنّها كانت مقتنعة بأنّ هذا الاهتمام يصب في مصلحة الامبراطورية البريطانية، سواءً على الصعيد الداخلي في أوروبا نتيجة لتوازنات معينة، أو بسبب استخدامها لتحقيق مصالحها في الشرق، حيث اتخذت بريطانيا العظمى مجموعة من الإجراءات القانونية، والسياسية، والاقتصادية، مستخدمةً دبلوماسيتها العالية للتمهيد لوعد بلفور، والذي تكوَّن من رسالة سرية صدرت من وزير خارجية بريطانيا آرثر بلفور إلى حايم وايزمن، ويعتقد أنّ الدبلوماسية البريطانية نجحت في إقناع كل من فرنسا وأمريكا لدعم الوعد قبل صدوره، الأمر الذي كان له انعكاسات إيجابية ليس فقط على إخراجه إلى حيز الوجود، بل إلى التأثير على مجريات الحرب العالمية الأولى عندما دعمت أمريكا بريطانيا في الحرب العالمية الأولى، وما أن تمكنت بريطانيا من الظفر ودخلت قواتها فلسطين، حتى أعلنت عن نواياها الحقيقية تجاه وعد بلفور، وعملت في أثناء فترة الحكم العسكري على تهيئة البلاد لإقامة الدولة اليهودية تطبيقاً للوعد المشئوم، وازداد هذا التوجه عندما دمجت بريطانيا بين وعد بلفور وصك الانتداب، لتحول هذا النص إلى وثيقة دولية.أما بخصوص تمكين الحركة الصهيونية اقتصادياً في فلسطين، فقد عملت على تحويل الموارد الطبيعية الرئيسة للحركة الصهيونية، للاستفادة منها على حساب الشعب الفلسطيني، مثل: مشروع روتنبرج، وتجفيف بحيرة الحولة، وكذلك الأمر بالنسبة إلى مشروع البحر الميت.