المسؤولية المجتمعية
0%
Close العودة إلى الرئيسية

سنتوقف على استعراض العلاقة بين مؤسسات التعليم العالي، خاصة الجامعات، من جهة، وقضايا الديموقراطية، والنزاهة، والشفافية، والمساءلة، والحكم الصالح والرشيد من جهة أخرى حيث أدت الجامعات الفلسطينية منذ سبعينيات القرن الماضي أدواراً مهمةً في إحداث التغيير المطلوب في المجتمع في مناشطه كافة، وليتم تحقيق ذلك على نحو أكمل؛ فإن على إدارات الجامعات أن تدرك مهماتها ورسائلها من منظور عقلي وإنساني قائم على العدالة. تعد الديموقراطية منطلقاً مؤثراً في قيادة سياسة المجتمع وتوجهاته، ضمن رؤية تؤثر المصلحة العامة على المصلحة الخاصة، وبذلك يمكن للتعليم الجامعي أن يوجه بوصلته نحو هذا التوجه المطلوب بما يخدم حقوق الإنسان والتعددية الثقافية حيث ازداد في الآونة الأخيرة الحديث عن النزاهة والشفافية لمحاصرة الفساد والمحسوبيات، وافترضت التوجهات العامة أدواراً محتملةً يمكن للجامعات أن تقوم بها في مجال تعزيز منظومة النزاهة.

مخرجات التعلم
  • تتعرف دور الجامعات في تعزيز التوجهات الديمقراطية.
  • تدرك دور الجامعات والمؤسسات الأكاديمية، ومراكز الفكر والبحث العلمي، في تدعيم مسيرة الشفافية والنزاهة.
  • تحدد مرتكزات الحكم الصالح والرشيد وأبعاده.
  • تتعرف دور الجامعات والمراكز المجتمعية التابعة لها في تمتين أواصر الحكم الصالح.
الموضوعات

عزيزي الطالب، اضغط على الخريطة الآتية لتتعرف على أهم الموضوعات التي تناولها الوحدة.


للتعرف على تفاصيل الوحدة، يمكنك تصفح الموضوعات التالية:

  • مقدمة
  • الديمقراطية
  • دور الجامعة في تعزيز الديمقراطية وتعليمها
  • التعليم من أجل الديمقراطية والتعليم الديمقراطي
  • دور الجامعة في بناء الديمقراطية
  • اختبر نفسك

يُعَرِّف هنتينجتون الديمقراطية على أنها: نظام حكم يقوم على مجموعة من التدابير والإجراءات الضرورية، لمأسسة عملية صنع القرار السياسي، ومن هذه المتطلبات الإجرائية وجود دستور مكتوب وواضح، ومجلس نيابي أو برلمان، وانتخابات دورية، وتداول سلمي للسلطة وفصل واضح بين السلطات، وتعددية سياسية ومصالحيه تضمن علاقة تنافسية بين التشكيلات والأطياف السياسية، للحصول على أصوات الناخبين.

  • تتعرف على مضمون مفهوم الديمقراطية وشروطها.
  • تتعرف على دور الجامعات في تعزيز الديمقراطية وتعليمها.

تمثل الديمقراطية اليوم منهجاً وعمليةً سياسيةً، وليس عقيدة مثل غيرها من العقائد والأيَدولوجيات، وبالرغم من تأثر الممارسة الديمقراطية بعقائد المجتمعات ومنظوماتها الفكرية والحضارية والتراثية التي تتم فيها، إلا أنها تراعي ثوابت هذه المجتمعات ومنطلقاته الوطنية، تعبيراً عن اختيارات الشعوب فيها. وفي الزمن الحالي تعدّ الديمقراطية نظام حكم، ومنهجا سلميا لإدارة أوجه الاختلاف في الرأي والتناقض في المصالح. ويتم ذلك من خلال إيمان الأغلبية بالمشاركة السياسية التعددية الفعّالة، وحق كل الأطياف السياسية والقوى الاجتماعية في المشاركة في قيادة دفة المجتمع، في ظل دستور شرعي ومكتوب، مع ضمان تداول سلمي للسلطة.

تعدّ المشاركة السياسية الفعّالة، والتداول السلمي للسلطة، ودورية الانتخابات من التجليات والمظاهر المهمة للديمقراطية، خاصة إذا تمت العملية الانتخابية في أجواء حرة ونزيهة. إن نتاج العملية الانتخابية يكون في العادة وصول حزب سياسي أو جماعة سياسية الى سدة الحكم، بحيث تكون مؤهلة لاتخاذ قرارات، وتبني سياسات تنفيذية، وتشريعات قانوني ملزمة للأفراد والمجتمع والدولة. وتمتاز الديمقراطيات المعاصرة على عدم احتوائها على أبعاد وتفضيلات عقائدية، وإنما هي تعبير عن مصالح الكل والمجموع داخل المجتمع، خاصة في المجتمعات الرأسمالية الليبرالية الغربية، ولكن اعلم، عزيزي الطالب، أن الديمقراطية ليست نسخة ورقية يمكن اقتراضها من مجتمع، ونسخها في مجتمع آخر، إذ لا بد من أن عناصر العمل الديمقراطي مع بنية المجتمع، وفلسفته، وهيكلية الإنتاج فيه.

أظهر العديد من الباحثين في العلوم الإنسانية والاجتماعية في عشرين السنة الماضية اهتماماً خاصاً في العلاقة الرابطة بين الديمقراطية والتعليم بصورة عامة، والتعليم العالي بصورة خاصة، إضافة إلى دور التعليم الرسمي المخطط له مسبقاً في التحديث السياسي والتنمية السياسية، وتقوية الدعائم السياسية للنظام الموجود، سواء أكان النظام ديمقراطياً تعددياً أم دكتاتورياً شمولياً، فضلاً عن دور الجامعات، والمؤسسات البحثية، ومراكز البحث العلمي في اشاعة المواطنة الديمقراطية في مجتمعات كثيرة. من هنا تم تحديث بعض الأطر النظرية التي تتناول مثل هذه العلاقة بين التعليم والديمقراطية، وتأثير التعليم الرسمي في نشر الديمقراطية، وتعميق ممارستها خاصة في مجتمعات الدول الفقيرة والنامية.
من هنا لخص فيليب الباتش علاقة الجامعة، بالتحولات المجتمعية الديمقراطية بالتركيز على الأمور الآتية:

  • تحريك الحياة الفكرية داخل المجتمعات خاصة النامية والفقيرة التي تعاني أصلاً من صراعات قبلية وحركات انفصال متعددة.
  • أصبحت جامعات اليوم حاضنة لتوليد العلم والتكنولوجيا، وإنبات الأفكار المتجددة والضرورية لتنمية الشعور بالمواطنة.
  • تتسم الجامعة بميزة تعزيز الحريات الأكاديمية والمهنية، وخلق الأجواء الديمقراطية الداخلية بسبب استقلاليتها، مما ينعكس بشكل ايجابي على النظام السياسي الموجود والممارس في البلدان المعنية.
  • تساعد الجامعات تعزيز التنمية الاقتصادية، وتدريب الكوادر التابعة للدولة وكوادر المجتمع المدني والقطاع الخاص، فضلاً عن كادر القضاء والسلطات المحلية، والهيئات التشريعية، والتنفيذية، والنقابات المهنية، والاتحادات الشعبية الجماهيرية.
  • بما أن الجامعات تقوم بمهام كثيرة بما فيها التنمية الاقتصادية، وتمتين أواصر اقتصاد السوق واقتصاد المعرفة في آن معاً، فإن ذلك يساعد على إبراز الطبقة الوسطى، والطبقة البرجوازية الوطنية، والتي تتصف بأنها أكثر الطبقات الاجتماعية والاقتصادية تأثيراً؛ لأنها تمتاز بالحراك والطموح والميل نحو التعليم، وهي التي تدفع الضرائب بشكل أساسي مما يضعها مباشرة في مواجهة الحكومة ومساءلتها عن الطرق والوسائل التي تصرف من خلالها الضرائب العائدة للشعب، وهنا تعد المساءلة احد أعمدة ومداميك الديمقراطية.

ويختلف التعليم من أجل الديمقراطية عن التعليم الديمقراطي حيث يستخدم هذان المصطلحان بطريقة تبادلية بالرغم من أنهما مختلفان؛ فالتعليم من أجل الديمقراطية يركز العمليات والهياكل والبنى المعلوماتية، ومحتوى المادة العلمية على هدف واحد هو نشر الوعي الديمقراطي بين الناس، بينما يركز التعليم الديمقراطي على نشر عام للمفاهيم النظرية والممارسات العملية، لينتج عنها زيادة في الوعي الديمقراطي عبر النقاشات العامة، والحوارات المجتمعية التي تأخذ مكانتها في كل المستويات الشعبية والرسمية، وعلى مستوى النخبة السياسية والقيادة الوطنية.

تخدم الجامعات عملية بناء الديمقراطية والثقافة السياسية التعددية بقيامها بثلاث وظائف أخرى مرتبطة بفلسفتها وأهدافها وهي:

  • إن قضايا الديمقراطية، وحقوق الإنسان، والمواطنة، والعدالة الاجتماعية، والتنمية المستدامة، واستقلال القضاء، وسيادة القانون، كلها قضايا خاضعة للبحث والتمحيص من الجامعات وطلبة الدراسات العليا، من أجل إنتاج المعرفة المفيدة والناقدة في هذه المجالات.
  • الوصول إلى المجتمع المحلي، والتشبيك مع مؤسساته، وتزويده بالخدمات المختلفة بما فيها خدمة الالتزام بالديمقراطية، وتفعيل النقاشات المجتمعية حول الثقافة المحلية المختلفة، وتأمل هذه الثقافة وتفحصها؛ لمعرفة إن كانت خادمة للديمقراطية أم معيقة لها.
  • تقوم الجامعات من خلال رسالتها وأخلاقياتها وممارساتها في تشكيل نموذج قابل للتنفيذ، والتطوير، في مجال الديمقراطية بوصفها مؤسسة تدافع عن الديمقراطية وحق الإنسان، والمشاركة السياسية، والتعددية الثقافية.
  • مقدمة
  • الفساد ومظاهرة
  • دور الجامعة والمؤسسات التعليمية في تعزيز النزاهة المجتمعية
  • اختبر نفسك

تعني النزاهة بمفهومها الحديث منظومة قيم الصدق، والأمانة، والإخلاص، والانتماء في العمل، والولاء للمؤسسة التي يعمل فيها الفرد، والاهتمام بالمصلحة العامة، بحيث لا تكون المصلحة الخاصة متسيدة على حساب المصلحة العامة، وعدم الجمع بين المصلحة العامة والمصلحة الخاصة.

أما الشفافية فتعني بالدرجة الأولى وضوح العلاقة مع الجمهور، فيما يخص إجراءات تقديم الخدمات، والإفصاح لهم عن السياسات العامة المتبعة، وبخاصة السياسات المالية، وحسابات القطاع العام، وكيفية إدارة الدولة. وتعني الشفافية أيضاً الحد من السياسات والإجراءات غير المعلنة أو السرية التي تتسم بالغموض، وعدم إسهام الجمهور فيها بشكل واضح. وقد وضعت بعض المعايير والمؤشرات المهمة للشفافية منها: توفر الوثائق المكتوبة عن أهداف المؤسسة وفلسفة عملها وبرامجها، وتوفير معلومات أساسية عن النظام الأساسي للمؤسسة وموظفيها وهيكلها التنظيمي للجمهور، كذلك إتاحة الفرصة أمام الجمهور للاطلاع على أهداف المؤسسة وخططها المستقبلية، ووجود سياسة عامة للنشر والإفصاح عن المعلومات الأساسية لعامة الناس.


  • تتعرف على مفهومي النزاهة والشفافية والتفريق بينهما.
  • تبين دور الجامعات والمؤسسات الأكاديمية في تعزيز النزاهة المجتمعية.

ازداد الاهتمام بقضايا الفساد والمحسوبيات وهدر المال العام, وتعددت الرؤى النظرية والتجارب العملية لمكافحة هذه الآفة الخطيرة, ومحاربة القائمين عليها، والراعين لها، والمعتاشين منها في الكثير من الدول، وبدا هذا الاهتمام يتعاظم في العقد الأخير من القرن العشرين. وقد ظهرت في هذا السياق العام إلى حيز الوجود العديد من المبادرات المحلية، والإقليمية، والدولية، التي كان وما زال جل اهتمامها منصباً على تخليص المجتمعات البشرية من الفساد والمفسدين، لما لهذه الظاهرة الخطيرة من تداعيات وآثار سلبية ليس على المال العام فحسب، وإنما أيضا على مستقبل التنمية والتطور والتحديث في هذه المجتمعات والدول، وعلى مختلف الأصعدة السياسية، والاجتماعية، والاقتصادية، والأخلاقية، والإنسانية.

وقد أجمعت العديد من المصادر، التي أنتجتها ورعتها مراكز علمية وبحثية مرموقة أو باحثون متمرسون، أن للفساد أشكالاً وصوراً ومظاهر مختلفة، وتختلف هذه الأشكال من مجتمع إلى آخر، أو من حالة إلى أخرى، إلا أن هذه المصادر اتفقت على تعريف لمصطلح الفساد مفاده: كل عمل أو سلوك أدى إلى سوء استخدام المنصب العام لتحقيق مصلحة خاصة، بمعنى أن الشخص المسؤول يستغل المنصب العام الذي يشغله من أجل تحقيق منفعة ذاتية له، أو لجماعته السياسية، أو لقبيلته، أو لمنطقته. وتمتد خطورة الفساد، وتتجلى صوره وأشكاله في مظاهر ضبابية هلامية مختلفة تشمل الواسطة، والمحسوبية، والرشوة، والمحاباة، والابتزاز، وهدر المال العام.

بعض الباحثين والمختصين بظاهرة الفساد صنفوا الأشكال الآتية على انها تأتي ضمن حالات الفساد وهي:

  • المحاباة والتمييز بين المواطنين بسبب الدين، أو القرابة، أو الصداقة، أو العرق.
  • سوء الإدارة، والإهمال في إدارة المال العام، مما يؤدي إلى إهداره.
  • التأثير في القضاء، وأجهزة الرقابة، والمساس سلباً باستقلالية القضاء والمحاكم.
  • التأثير في الرأي العام عن طريق استخدام الصحافة ووسائل الإعلام الأخرى؛ لتمييع الحقائق وتزويرها أمام الرأي العام، أو العمل لصالح جماعات المصالح والضغط والنفوذ على حساب المصلحة العامة.
  • إجهاض التجارب الديمقراطية من خلال الفساد السياسي مثل: تزيف الانتخابات، وتزوير نتائجها.

يمكن للجامعة ان تؤدي دورا اكثر تأثيرا في تعزيز منظومة النزاهة الوطنية اذا ما كرست خططها وبرامجها نحو الاتي:

  • استنهاض الطاقات والكفاءات العلمية في مهمة صياغة المفاهيم النظرية المرتبطة بعناصر المسؤولية المجتمعية ومنها: النزاهة، والمساءلة، والشفافية، والحكم الصالح؛ لإن ما أنتج فلسطينياً حول هذه القضايا ما زال قليلاً.
  • تطوير برامج البكالوريوس والماجستير، وبرامج الدبلوم، وشهادات التعليم المستمر، داخل الجامعات ضمن رؤية واضحة؛ لمحاربة الفساد والمحسوبية، وهدر المال العام، وغسيل الأموال وتعزيز النزاهة والشفافية، بحيث تضمن هذه البرامج مساقات وأبحاثا تتناول هذه الموضوعات.
  • الموازنة بين مخرجات البرامج التعليمية والأكاديمية من جهة، ومتطلبات سوق العمل من جهة ثانية، وهذه مهمة وطنية من الطراز الأول؛ لأنها تسهم بشكل مباشر في تدعيم آفاق التنمية الوطنية و تعزز مؤشرات التنمية البشرية، وتسهم أيضا في حلحلة مشكلات البطالة في أوساط خريجي البرامج الأكاديمية التنمية.
  • رفد الحكومات الوطنية والمحلية بالكوادر الأكاديمية والكفاءات البحثية القادرة على رفع أداء المؤسسات العامة المدنية والأمنية، وتحسين مستوياتها من حيث: الإنتاجية، والفاعلية الانضباط، واحترام الأنظمة والتعليمات، والالتزام بالمعايير الوطنية في العمل الوظيفي.
  • تأسيس مراكز التميز الأكاديمي والبحثي داخل الجامعات؛ لأن البيئة الجامعية الآمنة والنزيهة تنعكس إيجابا على نزاهة المجتمع. وقد بدأت هذه المراكز في العديد من الجامعات الأوروبية والأمريكية حيث تسهم هذه المراكز في مساعدة الطلبة على زيادة المهارات التي يمتلكونها، وتقوي استراتيجيات التعليم، وبناء الثقة، والعمل الجماعي، وروح الفريق، وتجعلهم متعلمين فاعلين؛ وتقدم الحوافز لهم عبر جلسات عصف ذهني تنمي التفكير والإبداع، والبحث عن حلول لمشاكل تعليمية تواجههم داخل الجامعات.

تم تحديد خمس قيم رئيسة مرتبطة بالنزاهة الأكاديمية بالنسبة لأعضاء هيئة التدريس وهى النزاهة والعدالة والمسؤولية والاحترام، ومن هنا تقع على المحاضر الجامعي عدة مسؤوليات ومهام في فرض النزاهة الأكاديمية ومنها:

  • التوضيح لهم أن الغش في الامتحانات يؤذي الطلبة أنفسهم.
  • اتخاذ خطوات لكشف الغش حتى يشعر الطلبة أن هناك متابعة وثيقة.
  • إذا حدث الغش فعلاً، يتصرف المحاضر بقوة وبحزم، ضمن إجراءات الجامعة التأديبية.
  • استغلال الوقت الكافي في بداية الفصل الأكاديمي لتوضيح أسس السلوك الحسن، والسلوك المطلوب.
  • تنمية معايير وأجواء جماعية للنزاهة داخل قاعة الدرس.
  • ضمان وصول الطلبة إلى المواد التعليمية، ومتابعتهم في كتابة الوظائف، والامتحانات، وأوراق العمل، والبحوث.
  • إدراك النقاط والعوامل الضاغطة على الطلبة خاصة أصحاب المستويات التعليمية المتدنية.
  • زرع الثقة بين الطلبة، وخلق الحوافز المختلفة.
  • مواجهة الطلبة في حال تورطهم في حالات غش أو سرقات علمية.
  • مقدمة
  • المعنى والمضامين المعرفية والفلسفية
  • دور الجامعة في تدعيم الحكم الصالح
  • اختبر نفسك

تجد في ثنايا هذه الوحدة مناقشة مهمة لموضوع الحكم الصالح، وما ينبغي على الجامعات أن تقوم به بغية تدعيم هذا النوع من الحكم، بل إظهار مكانتها في تعزيز أجواء النزاهة والشفافية والمساءلة على الصعيد الوطني الشامل، ومواجهة الفساد بكل أشكاله وصوره ومظاهره بما فيها هدر المال العام، والاستغلال الوظيفي، وغسيل الأموال، والرشوة، والمحسوبيات.

  • تتعرف على المعنى والمضامين المعرفية والفلسفية للحكم الصالح والرشيد.
  • تبين دور الجامعات في تدعيم الحكم الصالح.

تم تداول الحكم الصالح في العديد من الأدبيات المعاصرة على أنه نسق المؤسسات المجتمعية التي تعبر عن هموم الناس تعبيراً صادقاً وأميناً، وترتبط بشبكة متينة من علاقات الضبط والمساءلة، بحيث تعمل هذه المؤسسات العمومية على احترام التعددية السياسية والفكرية، واحترام حقوق الإنسان، خاصة حقه في الرأي والتعبير والتنظيم، وحقه في امتلاك المعلومات الأساسية فيما يتعلق بالحياة: الاقتصادية، والسياسية، والمجتمعية. ويتصف هذا النمط من الحكم بأنه غير استبدادي، ويرتكز على مؤسسات دستورية قوية، تتوازن فيه الصلاحيات بين السلطات الثلاث: التنفيذية، والتشريعية، والقضائية. كما يتصف هذا الحكم الصالح والرشيد بالتوافق بين مختلف المؤسسات العامة والخاصة، وتتكامل فيه جهود القطاع العام مع القطاع الخاص والإعلام والهيئات المحلية في خدمة المواطن، والاستجابة للمطالب الشعبية. ومن هنا يمكن القول إن معايير الحكم الصالح تتوقف على سيادة القانون، وتلبية حاجات الناس، والمساواة، والمصلحة العامة، وحسن الاستجابة، والرؤية الاستراتيجية لمشاكل الناس ومطالبهم، والمشاركة المجتمعية في كيفية حل مشاكلهم، وتلبية مطالبهم العامة.

تسهم الجامعات، والمؤسسات الأكاديمية، ومراكز الفكر، في تعزيز توجهات الحكم الصالح عبر الوظائف والأدوار الآتية:

  • القيام بدور الوسيط بين الحكومة ومؤسساتها ووزاراتها من جهة، وعامة الناس من جهة أخرى، من أجل تهيئة الأرضيات المناسبة للتعاون المثالي بين هذه الأطراف لخدمة المصلحة العامة.
  • تشكيل أصوات مستقلة، ومنصات عريضة؛ لمناقشة قضايا السياسات العامة، وخلق رأي عام حولها، ومدى إِسهام هذه القوى المشكلة في تصحيح مسارات |السياسيات، لخدمة الحكم الصالح والرشيد.
  • المشاركة الفاعلة في تحديد السياسات التنموية وتعميقها وتقييمها، ورصد سياسات الحكم وعلاقتها بالعدالة الاجتماعية والاقتصادية، وذلك من خلال خبرات الجامعة الأكاديمية والبحثية.
  • تحويل الأفكار الأكاديمية ونتائج البحوث، وتوصيات المشاريع الجامعية من أفكار نظرية إلى مشاريع عملية خدمة للصالح العام.
  • تفسير القضايا والأحداث والسياسات للإعلام المكتوب والمقروء والإِلكتروني، بهدف خلق حالة رأي عام حولها، ومن أجل تعزيز مشاركة الناس في فهم الأبعاد الوطنية والمحلية والداخلية والدولية لسياسات حكومتهم على هذا الصعيد.
  • توفير منصة عريضة لكل المساهمين في صناعة السياسات، وفي اتخاذ القرارات السياسية المهمة عبر تبادل المعلومات والأفكار، وعمليات العصف الذهني الإيِجابي، حول قضايا اشكالية، تتطلب تدخل الجامعات في سبيل إيجاد حلول لها.
  • تسهيل عملية التشبيك مع المجتمعات المحلية، ومع صناع القرار السياسي، ومع المؤسسات الدولية والإقليمية، والمشاركة في المؤتمرات الوطنية والدولية لعرض نتائج البحوث المتعلقة بالمساواة وسيادة القانون، وتقوية كليات القانون، وحقوق الإنسان، لتأدية هذه الأدوار الحيوية.
  • توفير الخبرات النظرية والعملية، وانتداب أكاديميين للعمل في الأجهزة التشريعية والتنفيذية والرقابية، وداخل مؤسسات الحكومة؛ لتقوية فلسفة الحكم الصالح، وعلاقته بالتنمية والعدالة والمساواة.
  • الإسهام الفاعل في وضع معايير تحكم أخلاقيات الموظفين العموميين، ومدونات السلوك لهؤلاء الموظفين والبيروقراطيين والعاملين في الحيز العام، لوصول ثمار التنمية إلى كل فئات المجتمع.

أظهرت معظم الدراسات والادبيات الخاصة بتنمية الحكم الصالح والرشيد، دور الجامعات في تنمية الحكم الصالح في خمسة جوانب مساندة هي:

  • التطورات البرلمانية، لما للبرلمان من دور في تهيئة الأجواء والآفاق أمام الحكم الصالح.
  • المساعدة على تطوير النظم الانتخابية والعمل الانتخابي.
  • تحسين الوصول إلى العدالة وحقوق الإنسان.
  • حرية الوصول إلى المعلومات.
  • الإسهام في تعزيز اللامركزية والحكم المحلي.

تناولت هذه الوحدة دور الجامعة في تعزيز القيم المجتمعية، وتنمية إحساس طلبتها وعامليها بتحقيق العدالة، الي جانب استعراض مواصفات النظام الديمقراطي الذي يقوم على مرتكزات منها: الفصل بين السلطات والرقابة عليها، معتبرين النظام الديمقراطي نظام حكم لإدارة أوجه الاختلاف في الرأي والتناقض في المصالح كما تم إبراز دور الجامعة في ربط التعليم بالديمقراطية.
واستعرضت الوحدة، مفهومي النزاهة والشفافية من جهة والفساد بمختلف أشكاله من جهة أخرى، لما لكلا الأمرين من تداعيات على المجتمع وبرامجه المختلفة، شمن رؤية تعزيز دور الجامعة في قيادة مبادرات متعددة، تكرس معالم الحكم الصالح والرشيد وتلبي احتياجات المواطنين وتساوي بينهم في الحقوق الواجبات في إطار القانون وقد أفردنا في هذه الوحدة وبصورة واضحة دور الجامعة في بناء الحكم الصالح وتدعيم أركانه.

  • جامعة القدس المفتوحة.(2010). مقرر المسؤولية المجتمعية. جامعة القدس المفتوحة: عمان، الأردن.
جامعة القدس المفتوحة
مركز التعليم المفتوح - OLC
تابعونا
الدعم والمساندة