الثقافة الإسلامية
0%
Close العودة إلى الرئيسية

تتحدث هذه الوحدة عن قضايا فكرية معاصرة، كالعلمانية والقومية والتطرف والغلو، وتبين مدى أهميتها وخطورتها وخاصة أن الفتنة المعاصرة الكبرى آتية من هذه الآراء والأفكار والشعارات والمذاهب الفكرية المعاصرة، والتي تناولت العقائد الدينية والأخلاق الإسلامية بالتشويه والإفتراء، فستبين لك هذه الوحدة كيف حفظ الله هذا الدين على امتداد العصور وكثرة الصراعات فبقي نقياً صافياً، فلا العلمانية بفكرها وزخرفها استطاعت أن تطمس حقائق الإسلام، ولا القومية والعنصرية استطاعت أن تطفئ نور الإسلام الداعي إلى التوحيد والوحدة بين مختلف الأجناس والألوان.

مخرجات التعلم
  • تبين ظروف نشأة العلمانية ومظاهرها وآثارها، وموقف الإسلام منها.
  • توضح سماحة الإسلام في الدعوة إلى الاعتدال ونبذ التطرف والغلو.
  • تبين مفهوم القومية، ونشأتها، وموقف الإسلام منها.
  • تحدد وسائل التغريب ومظاهره، وموقف الإسلام منه.
  • تبين حيوية الفكر الإسلامي والثقافة الإسلامية في ميادين الحياة المختلفة.
  • تتمثل الشخصية الإسلامية المتكاملة فكراً وسلوكاً وذلك من خلال المعرفة الصحيحة للدين الحق.
الموضوعات

عزيزي الطالب، اضغط على الخريطة الآتية لتتعرف على أهم الموضوعات التي تناولتها الوحدة.


للتعرف على تفاصيل الوحدة، يمكنك تصفح الموضوعات التالية:

  • مقدمة
  • مفهوم العلمانية
  • عوامل نشأة العلمانية
  • عوامل انتقال العلمانية إلى العالم الإسلامي
  • مجالات العلمانية ومظاهرها
  • آثار العلمانية ومخاطرها
  • موقف الإسلام من العلمانية
  • اختبر نفسك

تعتبر العلمانية من أخطر القضايا التي يتعرض لها العالم العربي والإسلامي، وهي اتجاه دخيل على الإسلام غريب عنه مخالف لعقيدته وشريعته ونظام حياته، لذا لا بد من التعرف على مفهوم العلمانية ونشأتها والظروف التي أحاطت بها وكيفية انتقالها إلى العالم الإسلامي، وبيان مجالاتها ومظاهرها المختلفة وما ترتب على استغلالها من قبل أعداء الإسلام من آثار ومخاطر تهدد الإسلام والمسلمين.

بعد الانتهاء من هذا الموضوع، ستكون قادراً على أن:

  • تعرّف مفهوم العلمانية.
  • تبين ظروف نشأة العلمانية.
  • توضح مجالات العلمانية ومظاهرها.
  • تحدد مخاطرالعلمانية وآثارها.
  • تبين موقف الإسلام من العلمانية.

العلمانية لغةً:
هي ترجمة غير دقيقة لكلمة (secularism)، وهي كلمة لا صلة لها بلفظ العلم ومشتقاته، والترجمة الصحيحة لها هي اللادينية أو الدنيوية.

العلمانية حسب دائرة المعارف البريطانية:
تقول دائرة المعارف البريطانية بأن العلمانية حركة اجتماعية تهدف إلى صرف الناس وتوجيههم من الاهتمام بالآخرة إلى الاهتمام بالدنيا وحدها، وذلك بسبب رغبة الناس في العصور الوسطى بالعزوف عن الدنيا والتأمل بالله واليوم الآخر، فجاءت العلمانية لمقاومة هذه الرغبة من خلال تنمية النزعة الإنسانية، حيث بدأ الناس في عصر النهضة يظهرون تعلقهم الشديد بالإنجازات الثقافية والبشرية.

العلمانية عند العلماء:
هي عزل الدين عن الدولة وحياة المجتمع، وإبقاؤه حبيساً في ضمير الفرد لا يتجاوز العلاقة بينه وبين ربه.

عاشت أوروبا في القرون الوسطى ظروفاً دينية واجتماعية وسياسية واقتصادية سيئة، وكان الصراع قوياً بين رجال الدين والملوك والأمراء والعلماء، وكان نتيجة لهذا الصراع الذي امتد لمئات السنين ظهور العلمانية التي دعت لفصل الدين عن الحياة، فمن الظروف والعوامل التي أدت إلى نشأة العلمانية :

لم يكن للدين الحقيقي وجود في أوروبا سواء في صورة عقيدية صحيحة أو شريعة حاكمة، ومع ذلك كان لرجال الدين في أوروبا نفوذ ضخم في مجالات الحياة كافة، فكانوا يشرعون ويظلمون، ويحاربون العلم، وينحازون للحكام والإقطاعيين، وكانت سلطة البابا كبيرة؛ فله حق تفسير الكتاب المقدس وله حق الطاعة العمياء، كما أن الكنسية قامت بإنشاء محاكم التفتيش لتحكم فيها كل مخالفٍ لها، فكان عندهم الدين النصراني أدياناً كثيرة، وكانوا يمارسون حياة الرهبنة داخل الأديرة بالانقطاع عن الحياة العامة والامتناع عن الزواج، فكانت حياتهم مخالفة ومنافية للفطرة. فهذه الظروف الدينية كانت العامل الأساسي لردة أوروبا عن الدين أما باقي الظروف فكانت عوامل مساعدة.

كانت أوروبا تعيش حياة الإقطاع، فنفر بسيط من الناس يملك الأرض والمال، وغالبية الناس تعيش في فقرٍ وحاجة، ونتيجة لذلك انقسم الناس إلى طبقتين، طبقة السادة التي تمتلك كل شيء، وطبقة العبيد التي لا تمتلك شيئاً، وكانت الكنيسة تقف مع الإقطاعيين وتمارس الإقطاع معهم، فنشأت العلمانية نتيجة لهذه الظروف الاقتصادية الظالمة.

كان الحاكم إقطاعياً، يتودد للإقطاعين ويمتلك العبيد، ويقدم للإمبراطور إعانة سنوية مقابل قيامه بالحكم وفرض الضرائب وتحصيلها من الناس وسميت سلطتهم بالسلطة الزمنية، وبجوار هذه السلطة الزمنية كانت السلطة الدينية الممثلة في الكنيسة التي بلغ جورها وظلمها حد إقامتها لمحاكم التفتيش التي راح ضحيتها الكثيرين، فتعاونت السلطتان معاً على قهر الشعب وحرمانه.

نتيجة للظروف السابقة والقهر ومحاربة العلم والعلماء ظهرت حركات إصلاحية في المجتمع تدعو إلى فصل الدين عن الحياة، ومنها نداء مارتن لوثر زعيم الإصلاح الديني في أوروبا، ونداء ديكارت الذين نادوا بفصل الدين عن العلم والحياة.

كان هناك عوامل عدة لظهور العلمانية في العالم الإسلامي، ومنها:

فقد ولَّد ذلك شعوراً لدى ضعاف القلوب بأن النهضة والتقدم العلمي لا سبيل إليهما إلا بطرح الدين خلف الظهور.

وذلك نتيجة انصراف الحكام إلى شهواتهم وترك مصالح الناس، ونتيجة الصراع على مناصب الحكم وكراسي الوزارة وما صاحب ذلك من نكبات.

فقد تآمر الغرب على الخلافة الإسلامية حيث أسموها ( الرجل المريض) وقد مر هذا التآمر بمرحلتين وهما:

  • مرحلة تقطيع أوصال الخلافة بالاحتلال العسكري لمناطق إسلامية.
  • مرحلة إسقاط دولة الخلافة.

أعقب الاحتلال العسكري ثم سقوط دولة الخلافة هزيمة نفسية خطيرة في نفوس المسلمين، فترسب في نفوس المسلمين أن الغالبين هم الأعلى بما يحملون من حضارة مادية، وبما أن المغلوب مولع بتقليد الغالب فقلد المسلمون الغرب في كل شيء حتى مع اختلاف الظروف والتكوين.

وقد مر بعدة مراحل وهي:

  • محاولة تنصير المسلمين.
  • محاولة إخراج المسلمين من دينهم دون دخولهم النصرانية.
  • محاولة إبعاد المسلمين عن دينهم بوسائل مختلفة وتحت أسماء خادعة، مثل التغريب، التحديث، التمدين، التحضر.

للعلمانية مجالات ومظاهر مختلفة منها:

يتضح موقف العلمانية من العقيدة الإسلامية من خلال أمرين، وهما:

  1. ترفض العلمانية اتخاذ العقيدة أساساً للانتماء والولاء، فهي لا تقيم للرابطة الدينية وزناً، بل تقدم عليها رابطة الدم والعنصر ورابطة التراب والطين وأي رابطة أخرى، وهذا مناقض لتوجيه القرآن الذي يقيم الأخوة على أساس الإيمان والعقيدة، كما يجعل ولاء المؤمن قبل كل شيء لله ورسوله وجماعة المؤمنين، كما يلغي الإسلام كل رابطة مهما يكن قربها وقوتها إذا تعارضت مع رابطة الإيمان.
  2. ترفض العلمانية ما توجبه العقيدة الإسلامية على أبنائها من النزول على حكم الله ورسوله والتسليم لهما دون تردد أو حرج، وهذا يتعارض مع العقيدة الإسلامية التي تفرض على المسلم أن يكيف حياته وفقاً للأحكام التي تجسدها العقيدة، وأن يتجلى أثرها في سلوكه وعلاقاته كلها.

ويتضح موقف العلمانية من العبادة من خلال هذه الأمور:

  1. لا تعطي العلمانية للعبادة أهميتها بوصفها غاية الحياة والمهمة الأولى للإنسان كما وصفها الله تعالى: ﴿ وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنسَ إِلَّا لِيَعْبُدُون ﴾ (الذاريات: 56)، كما أنها لاتقيم نظامها التربوي والثقافي على غرس مفهوم العبادة وتنميته في النفوس، ولا تجعل للعبادة مكاناً في تقديم الناس وتأخيرهم، ولا ترى المجاهرة بترك العبادات شيئاً يوجب المحاسبة أو المؤاخذة.
  2. لا تعتبر الزكاة التي هي الركن المالي الاجتماعي من أركان الإسلام جزءاً من نظامها المالي والاقتصادي والاجتماعي، بل تعتبرها عبادة شخصية من شاء أداها ومن شاء أعرض عنها.

ويتضح موقف العلمانية من الشريعة من خلال:

  1. العلمانية الأصلية لا تسمح للإسلام بأي مساحة في التشريع، فترى العلمانية أن التشريع من حقها وحدها، وليس من حق الإسلام أن يحكم ويشرع ويحلل ويحرم، فهي تسلب حق التشريع المطلق من الله الخالق وتعطيه للإنسان المخلوق.
  2. قد تعترف العلمانية لله في هذا الكون بالخلق ولا تعترف له بالأمر، أما الإسلام فيقوم على أن لله الخلق والأمر جميعاً.
  3. تعطي العلمانية للإنسان حق النسخ لما شرع الله تعالى، فهي تحل ما حرم الله، وتحرم ما أحل الله، فهي تعطي نفسها حق التشريع لأنها تعد نفسها صاحبة هذا الحق ولا تقديس عندها لأي شرع إلهي.
  4. الشريعة الإسلامية هي العدو الأول للعلمانية في البلاد الإسلامية، فهي تقبل القانون الوضعي بعيوبه ونقصه، وترفض الشريعة الإسلامية بعدالتها وكمالها.

تدعو العلمانية إلى علمنة التعليم من خلال طريقين وهما:

  1. القضاء على التعليم الديني وكتم أنفاسه من خلال:
    • التطويق من الخارج: لم تقتصر العلمانية على الترحيب بالتعليم غير الديني، بل اعتمدت على الاستخفاف بالتعليم الديني والاستهزاء بمعلمه وطالبه بالكلمة الخبيثة حتى يبعد الناس عنه، كما اعتمدوا وسيلة عملية وهي قفل باب الوظائف اللامعة أمام خريج المعهد الديني، وقصر وظائفهم على التدريس والوعظ برواتب قليلة.
    • التطوير من الداخل: وهذا ما نصح به كرومر كوسيلة للتخلص من جمود الأزهر وتعصبه، وذلك بإصدار قانون تطوير الأزهر، وقد كان الهدف من تطويره خبيثاً؛ وذلك لإزالة التركيز الذي كانت تتميز به الدراسات الأزهرية ومحافظتها على التراث القديم، فأنشأت كليات تحمل اسم الأزهر أصبحت تقدم برامج ومناهج هشة، وقامت بدراسات سطحية أدت إلى تمييع هذا اللون من الدراسات الدينية.
  2. نشر التعليم العلماني وتشجيعه في مراحله المختلفة وبمناهجه المختلفة، وقد ساعدت هذه الطريقة على:
    • مضاعفة اهتمام الدولة بهذا اللون من التعليم، وإفساح المجال أمام خريجي التعليم العلماني لتولي الوظائف العليا والمناصب المهمة.
    • ابتعاث البعثات من خريجي هذا اللون من التعليم للخارج لحمل الألقاب العلمية الرفيعة مثل الماجستير والدكتوراة.
    • فتح المدارس الأجنبية التي اهتمت باستعياب أبناء الطبقة الراقية.
    • تشجيع الاختلاط بين الجنسين.
    • الدعوة إلى وحدة التعليم بعد أن تمكنوا من فرض التعليم العلماني الذي يمسك خريجوه مراكز القيادة التعليمية وغير التعليمية.

تتلخص خطة العلمانيين في استغلال وسائل الإعلام من خلال ثلاثة عناصر وهي:

  1. غسل الدماغ، وذلك عن طريق تفريغ أفكار الأجيال الناشئة وقلوبهم ونفوسهم من الأخلاق والقيم الإسلامية.
  2. ملء فراغ عقولهم وقلوبهم بمخترعات فكرية مزورة ومزيفة، تخدم غاية العدو الطامع، وتهدم كيان الأمة الموضوعة هدفاً لغزوها.
  3. تسخير طوابير الجيش الجديد في هدم مقومات الأمة، ومحاربة كل ما يتبقى لها من فكر وعقيدة، أو خلق وسلوك، أو تاريخ ومجد، وذلك ليتمكن من تحقيق أهدافه وأطماعه بسهولة ويسر، فنشروا الرذائل باسم الحضارة والمدنية، واستحلوا المحرمات باسم التقدم والفن، وأثاروا ألوان الهزء والسخرية بعلماء الدين الإسلامي وبالأحكام الشرعية.

تركت العلمانية آثارها في جميع مجالات الحياة في العالم الإسلامي ومن هذه الآثار:

  1. تسعى المناهج العلمانية إلى صرف المسلمين عن فهم حقيقة الدين الإسلامي وتشويه صورة الإسلام في نفوس المسلمين، متخذة في ذلك وسائل عدة مثل الطعن في التاريخ الإسلامي والحضارة الإسلامية وادعائهم بأنها غير صالحة لهذا العصر.
  2. إثارة الشبهات حول الإسلام، فهو في نظرهم دين فرّق بين الذكر والأنثى في الميراث، وأباح تعدد الزوجات، وجعل السيادة للرجل في شؤون الأسرة، ولكن مثل هذه الشبهات سرعان ما تزول عندما يعرف المرء طبيعة هذا الدين، فالإسلام أكرم المرأة أعظم إكرام، وأنقذها من ظلم الجاهلية القديمة والحديثة، فهو حينما جعل للزوج حق القوامة في الأسرة جعله تكليفاً وليس تشريفا، أما إباحة تعدد الزوجات فإنه منهج إسلامي يدرك حكمته أولي الألباب من المسلمين.
  3. إن العلمانية لا علاقة لها بالأخلاق والقيم الروحية التي تقوم بها المجتمعات الإنسانية، فهي تسعى لإيجاد دول همجية عابثة.
  4. ادعاء العلمانية بأن الإسلام يستحيل تطبيقه على أرض الواقع، فهذا يدل على خوفهم من الإسلام ومن تطبيقه على أرض الواقع.
  5. الاعتماد على العقل وحده في فهم الحقائق العلمية، وإغفال معاني الوحي والإيمان بالغيب، مما يؤدي إلى فهم خاطئ ومشوش للدين عند الجهلة من المسلمين.

يظهر موقف الإسلام من العلمانية كالآتي:

  1. الدعوة إلى العلمانية دعوة مرفوضة، لأنها دعوة إلى حكم الجاهلية لا بما أنزل الله تعالى، فهي دعوة تتعالم على الله تعالى وتحرف في حكمه وشرعه.
  2. إن الإسلام يواجه العلمانية بشموله لكل جوانب الحياة الإنسانية، مادية ومعنوية، وفردية واجتماعية، أما العلمانية فليس لها هذا الشمول.
  3. العلمانية لا تهتم بالقيم الأخلاقية والروحية، وهي مجردة من العلاقات الاجتماعية، وهي بهذا تصادم فطرة الإنسان الذي خلقه الله متوازناً بين الجسد والروح.
  4. العلمانية تقيم رقابتها على الإنسان من خارجه، فهي تفرض عليه القوانين والأنظمة التي ينساق إليها جبراً عنه، أما الإسلام فيهتم بتربية الوازع الداخلي والضمير وإصلاح القلب ومحاسبة النفس، كما حرص الإسلام على إقامة الحدود والقصاص ليجعل المجتمع آمناً ومستقراً.
  5. يسعى الإسلام من خلال عقيدته وشريعته وأخلاقه إلى وحدة المجتمع الإسلامي، أما المجتمع العلماني فهو مشتت الفكر، موزع الهدف، مقطع الاوصال، مختلف الأهواء.
  • مقدمة
  • الوسطية في الإسلام
  • التطرف والغلو
  • اختبر نفسك

من نعم الله الكبرى على الإنسان أن شرع لهم هذا الدين الحق، الميسر فهمه والواضحة معالمه، فهو دين بعيد كل البعد عن التطرف والغلو والتعصب، فالكمال والجمال من أهم خصائص هذا الدين، والتطرف والغلو ما هما إلا صفات كريهة تنفر منها النفوس القويمة والعقول المستقيمة، لذا فإن دعوة الإسلام وصفت بالحسن والإحسان، وتقبلها الناس بالحب والطاعة فدخلوا في دين الله أفواجاً، ولكن شاءت حكمة الله أن تظهر في كل زمان فئات تشوه هذا الدين، وتنادي بالغلو والتطرف الذي تأباه الفطرة السليمة.

بعد الانتهاء من هذا الموضوع، ستكون قادراً على أن:

  • تبين مفهوم الاعتدال والوسطية في الإسلام.
  • توضح مفهوم التطرف والغلو.
  • تحدد أسباب التطرف.
  • تبين نماذج من التطرف في التاريخ الإسلامي.
  • توضح سبل علاج التطرف.
  • تبين موقف الإسلام من التطرف.

وصف الله تعالى الأمة الإسلامية بأنها أمة الوسط، فقال تعالى: ﴿ وَكَذَٰلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطًا ﴾ (البقرة: 143)، وتحمل هذه الآية الكريمة وصف دقيق لمعنى الوسطية كما بينها سيد قطب (2003)، فمن معاني الوسطية:

  • الأمة الإسلامية هي أمة وسط بمعنى الفضل والحسن والاعتدال والقصد.
  • الأمة الإسلامية هي أمة الوسط في الاعتقاد والتصور، فهي لا تبالغ في التجرد الروحي، ولا تعطي المادة أكثر من حقها، إنما توازن بين الجسد والروح.
  • الأمة الإسلامية هي أمة الوسط في التفكير والشعور، فلا تجمد على ما علمت وتغلق منافذ التجربة والمعرفة، ولا تتبع كل من يتكلم في مسائل ليس عنده من الفقه في دين الله ما يؤهِّله للكلام فيها، فهي تتمسك بما لديها من تصورات ومناهج وأصول، وتنظر أيضاً في كل نتاج للفكر وشعارها (الحكمة ضالة المؤمن أنى وجدها أخذها).
  • الأمة الإسلامية هي أمة وسط في التنظيم والتنسيق، فلا تدع الحياة للمشاعر والضمائر، ولا تدعها للتشريع والتأديب، وإنما ترفع ضمائر البشر بالتوجيه والتهذيب، وتكفل نظام المجتمع بالتشريع والتأديب.
  • الأمة الإسلامية هي أمة وسط في الارتباطات والعلاقات، فهي لا تلغي شخصية الفرد ومقوماته، ولا تطلقه كذلك فرداً جشعاً لا هم له إلا ذاته، فهي توازن بين حاجات الفرد ومصلحة الجماعة.
  • الأمة الإسلامية هي أمة وسط في الزمان، فهي أنهت عهد طفولة البشرية وجاهليتهم من قبلها فأخرجتهم من الجهل إلى النور، ونفضت عنهم ما علق بهم من أوهام وخرافات، كما أنها حرست عهد الرشد البشري والثورة العلمية من بعدها بتقييدها بالضوابط والقيود بما يصدهم عن الفتنة .
  • الأمة الإسلامية هي أمة وسط في المكان، فهي جوهر الأرض ومركزها وفي أواسط بقاعها.

التطرف لغةً:
هو مصدر الفعل من تَطرّف، وتطرف الشيء صار طرفاً، وطرف الشيء جانبه وهو خلاف الوسط.

التطرف اصطلاحاً:
هو مجاوزة الاعتدال في العقيدة والفكر والسلوك، وذلك من خلال تبني أفكاراً دينية أو سياسية يتجاوز مداها الحدود المشروعة التي جاءت بها الشريعة الإسلامية.

حذر النبي (ﷺ) من الغلو والتطرف فقال: «هَلَكَ الْمُتَنَطِّعُونَ» (مسلم، باب هلك المتنطعون) ، وفسر الإمام النووي أن لفظ (المتنطعون) يعني المتعمقون المجاوزون الحدود في أقوالهم وأفعالهم، فالغلو والتطرف في الدين هما مرضان خطيران لا بد من محاربتهما.

للتطرف أسباب متعددة ومتنوعة تختلف من زمن إلى زمن آخر ومن مكان إلى مكان آخر، ومن هذه الأسباب:

  • انعدام المعرفة الشاملة بالأحكام الشرعية.
  • الاعتداد بالنفس وعدم التواضع.
  • الاشتغال بالأمور الجانبية عن القضايا الكبرى الأساسية، كمسائل اللحية والثوب والصلاة على النبي (ﷺ) خلف الأذان، وترك الجوانب الفكرية والعقدية الأساسية كالإلحاد والغزو الفكري والعلمانية.
  • اختيار القول المشدد مع وجود القول المخفف، وإطلاق لفظ الحرام على الكثير من المكروهات.
  • إبعاد الإسلام عن الحياة.
  • الشعور الذاتي بالتقصير والندم على التفريط في الدين، والخوف من عواقب الذنوب وسيء الأعمال التي اقترفت فيما مضى، مما يجعل الإنسان يزيد في التدين ويتشدد في الأحكام.
  • الوقوف الحرفي عند النصوص دون النظر إلى فحواها.

  • الشيعة: هي إحدى الفرق الإسلامية وأقدمها، وهم من شايعوا علياً رضي الله عنه وقالوا بإمامته وخلافته واعتقدوا أن الإمامة لا تخرج عن أولاده، وقد تفرع عن الشيعة فرق كثيرة خرجت عن دائرة الإسلام و دخلت دائرة الكفر والإلحاد، كالسبأية حيث زعموا أن علياً كان من الأنبياء كما زعموا في ألوهيته.
  • الخوارج: وهم قوم كانوا مع علي في وقعة صفين ثم خرجوا من جنده، ولهم أفكارهم التي تخرجهم من ملة الإسلام، فقد زعموا أن علياً كان كافراً، كما زعموا أن من ارتكب كبيرة من الكبائر من أمة محمد عليه الصلاة والسلام فهو كافر، كما أوجبوا الخروج على الإمام الجائر، وقد تفرع عن الخوارج فرق كثيرة منها الإباضية، وهم أكثر الخوارج اعتدالاً وقرباً من أهل السنة والجماعة.
  • المعتزلة: كانت بداية ظهورهم إثر اختلاف المسلمين في مرتكبي الكبائر، فقال الخوارج كلهم كفار، وقالت المرجئة هم مؤمنون، وقال الحسن البصري هم منافقون، فاعتزل واصل بن عطاء وقال إنهم فسّاق، وانسحب واصل بن عطاء من مجلس الحسن البصري وتبعه خلق وسموا بعد ذلك بالمعتزلة لاعتزالهم مجلس الحسن البصري. إن آراء المعتزلة لا تتناقض كثيرا مع آراء أهل السنة والجماعة، وللمعتزلة آراء تميزها عن غيرها في قضايا عدة مثل التوحيد، والعدل، والوعد والوعيد، والمنزلة بين المنزلتين أي أن المسلم العاصي في منزلة بين المؤمن والكافر، والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، ومن آرائهم أيضاً أن الحسن والقبح للأشياء تعرف بالعقل لا بالشرع، وهذا من أخطائهم الشنيعة.

يوجد وسائل عديدة لعلاج التطرف والغلو، منها:

  • الفهم الواعي لحقيقة الدين الإسلامي.
  • البعد عن الجدال الذي يغيظ الصدور وتقبل الرأي الآخر.
  • الاشتغال بالأمور الكلية وضروريات المجتمع.
  • الرجوع إلى العلماء العدول عند الاختلاف.
  • البعد عن تكفير الأفراد والجماعات، إلا إذا ظهر ما يدعو إلى ذلك بنص صحيح صريح أو إنكار ما علم من الدين بالضرورة.
  • دعوة الحكومات والهيئات الرسمية والشعبية لدراسة الإسلام من مصادره الأصلية.
  • عدم مقابلة التطرف بتطرف أشد كالسجن والتعذيب والحرمان من الحقوق الإنسانية، فعلاج مرض التطرف يحتاج إلى الحكمة والرحمة.

ينهى الإسلام عن التطرف والتعصب والغلو ويدعو إلى الاعتدال والتوسط، فقد وصف الله رسوله الكريم بقوله: ﴿ َقَدْ جَاءَكُمْ رَسُولٌ مِّنْ أَنفُسِكُمْ عَزِيزٌ عَلَيْهِ مَا عَنِتُّمْ حَرِيصٌ عَلَيْكُم بِالْمُؤْمِنِينَ رَءُوفٌ رَّحِيمٌ ﴾ (التوبة: 128)، فالدين الإسلامي بريء من الغلو والتطرف الذي هو مظهر من المظاهر المرضية التي يرفضها الإسلام لقوله تعالى: ﴿ قُلْ يَا أَهْلَ الْكِتَابِ لَا تَغْلُوا فِي دِينِكُمْ ﴾ (المائدة: 77)، وقول الرسول (ﷺ) «إِيَّاكُمْ وَالْغُلُوَّ فِي الدِّينِ ، فَإِنَّهُ أَهْلَكَ مَنْ كَانَ قَبْلَكُمُ الْغُلُوُّ فِي الدِّينِ» (ابن ماجة، باب قدر حصى الرمي)، ويحذر الإسلام من الغلو التطرف لخطورته في قلب الحق باطلاً والباطل حقاً كما مر في التاريخ الإسلامي عند كثير من الفرق الضالة.

  • مقدمة
  • مفهوم القومية ونشأتها
  • عناصر القومية
  • موقف الإسلام من القومية
  • اختبر نفسك

يتناول هذا الموضوع قضية حساسة جداً وهي النزعة العنصرية والقومية التي عاشت في كيان الشعوب قديماً وحديثاً، وقد أدت إلى اضطراب العالم وتصدع بنيانه وتفتيته، كما كان لها دور محوري في تأجيج نار الصراعات الداخلية والخارجية، فجاء الإسلام وحارب هذه النزعة البغيضة ودعا الى الوحدة والترابط على أساس عقيدة التوحيد، فقال تعالى: ﴿ وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِندَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ ﴾ (الحجرات: 13).

بعد الانتهاء من هذا الموضوع، ستكون قادراً على أن:

  • توضح مفهوم القومية وظروف نشأتها.
  • تحدد عناصر القومية.
  • تبين موقف الإسلام من القومية.

تعريف القومية:
هي نزعة تربط الفرد بقومه بروابط متجانسة كالقرابة واللغة والعادات والتقاليد والتاريخ، وتوحد بينهم أهداف مشتركة كالوحدة والتحرر والحرية والعدالة.

نشأة الفكر القومي:
جمعت الدولة العثمانية الأقطار الإسلامية مع بعضها، وذلك نظراً لشدة الهجمة الاستعمارية على البلاد الإسلامية حتى أصبح كل قطر غير قادر على صد الهجمة بمفرده، فظهرت دعوة جمال الدين الافغاني لجمع الدول الإسلامية في جامعة إسلامية وقامت هذه الدعوة على المبادىء التالية:

  • الإسلام هو الأساس في المعركة ضد الاستعمار.
  • بناء نفسية المسلمين بناءً إسلامياً وتغذيتها بروح المقاومة للاستعمار.
  • إدخال الإصلاحات السياسية والاجتماعية والاقتصادية والثقافية على أسس المناهج الإسلامية.
  • الوحدة الإسلامية هي الطريق الوحيد لمقاومة الاستعمار.

قاوم الاستعمار بقوة فكرة إقامة الجامعة الإسلامية حيث أنها ستكون نهاية وجوده، لذا بدأ بدراسة أحوال المسلمين والعوامل المؤثرة فيهم، فطرح الرابطة القومية كبديل عن الرابطة الإسلامية، ومن ثم قام الاستعمار بتوظيف عملاءه في الشرق فنجحوا بإقامة المؤتمر العربي الأول بفرنسا عام 1913 وفي هذا المؤتمر ظهر اتجاه واضح يرفض الرابطة الإسلامية ويؤيد الرابطة القومية، ومن هنا بدأ الاستعمار ينهش في الدولة العثمانية وإماراتها إمارة إمارة، وتمكنت القومية من إضعاف الأمة الإسلامية وتمزيقها، فمن خلال ما تقدم نلاحظ أن القومية:

  1. القومية ظهرت كبديل عن الإسلام لتصرف الناس عنه.
  2. الدعوة إلى القومية مرتبطة ارتباطاً وثيقاً بِ:
    • الصليبية، فهم من دعوا إلى القومية وتبعهم بعض أغنياء المسلمين.
    • الاستعمار، حيث أمد القومية بالقوة وعلى رأس هذه الدول الاستعمارية أمريكا وفرنسا وبريطانيا.
    • الماسونية، وهي حركة ضد الإسلام والمسلمين.

تتألف القومية من مجموعة من العناصر وهي:

  • الأرض: وهي عنصر أساسي من عناصر القومية، فكل شعب من الشعوب له أرض نشأ عليها واستثمرها وأحبها، فالأرض تشكل الوحدة المكانية لشعب من الشعوب.
  • الجنس والأصل: إن رابطة الجنس والإشتراك في الأصل والدم هي الرابطة القوية في المراحل الأولى من تكون الشعوب والأقوام، ولكن الإعتماد على وحدة الجنس واعتباره الأساس الأول لقيام الأمة الواحدة لم تأخذ به إلا بعض الشعوب، وقد ولد ذلك شعوراً بالإستعلاء واقترن بحب التغلب والسيطرة على الشعوب الأخرى، مما أثار كثيراً من الحروب.
  • اللغة: لكل شعب لغته الخاصة به التي تميزه عن غيره، واللغة هي المدرسة الأولى التي يتربى فيها أبناء الشعب الواحد، فهم يتلقون عن طريقها أفكارهم وثقافتهم وينقلون من خلالها أحاسيسهم ومشاعرهم.
  • الثقافة: هي الجو الفكري والعاطفي الذي يعيش فيه أبناء الثقافة الواحدة، والذي ينشأ من المعلومات النظرية التي يتلقاها المواطنون من دراستهم المدرسية وغير المدرسية، ومن الخبرة العملية التي يتلقونها في الحياة وما يتولد عن ذلك من عادات وتقاليد.
  • التاريخ: هو الوحدة الزمانية لشعب من الشعوب، فالتاريخ يكون في كل شعب جزءاً كبيراً من تفكيره وشعوره؛ وذلك بما يحدثه في النفوس من آثار، وفي العقول من تفكير، وفي الحياة من اتجاهات، وهو مجموعة من التجارب التي عركت الشعب وتفاعل معها فوحدته وجعلت له في الحياة موقفاً موحداً.
  • الدين والمعتقدات والأفكار: الدين هو من أقوى العقائد تأثيراً في النفوس، فهو يقيم بين البشر رابطة روحية تقوى وتضعف بحسب سعة ذلك الدين واستيعابه لنواحي الحياة كلها، فكل قومية لها صلة قوية وعميقة بدينها، لذلك كان له الأثر العميق في تفكير الشعوب، ولن تجد مثل الإسلام جامعاً لقوميات متعددة موحداً بينها في الفكر والثقافة.
  • وحدة المصالح الاقتصادية: إن تشابه المصالح بين أفراد المجتمع يجعل منه أمة واحدة، وإن المعيشة المشتركة في أرض واحدة مدة طويلة تؤدي إلى تشابك المصالح والتعاون في الحياة الاقتصادية.

إن دعوة الإسلام لا تعرف الوطنية والعنصرية، فوطن المسلم ليس له حدود جغرافية فهو وطن معنوي يمتد مع العقيدة الإسلامية، ويظهر موقف الإسلام من القومية من خلال:

  • إن دعاة القومية يطرحونها كبديل عن الإسلام، وهذا كفرٌ صريح، فقال تعالى: ﴿ وَمَن يَبْتَغِ غَيْرَ الْإِسْلَامِ دِينًا فَلَن يُقْبَلَ مِنْهُ وَهُوَ فِي الْآخِرَةِ مِنَ الْخَاسِرِينَ ﴾ (آل عمران: 85).
  • الدعوة الى القومية دعوة جاهلية، لأنها تنشأ عن شعور غريزي بالأنانية والاستئثار الذي يغلب على العقل والتفكير والكرامة الإنسانية.
  • في تبني القومية موالاة للكافرين، حيث أن القومية العربية صليبية المولد، ماسونية النشأة، فقال تعالى: ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَّخِذُوا الْيَهُودَ وَالنَّصَارَىٰ أَوْلِيَاءَ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ وَمَن يَتَوَلَّهُم مِّنكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ إِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ ﴾   (المائدة: 51).
  • لم يغفل الإسلام أهمية رابطة الدم والجنس والعنصر والقوم بل أقرها ضمن نطاق الحق والعدل، فقد أقر الإسلام علاقة القرابة بين أفراد العائلة والأسرة والقبيلة ورتب على هذه العلاقة أحكاماً شرعية، فمنع زواج الأقارب، وشرع الميراث وعظم صلة الرحم وأوجب نصرة الأخ والقريب وغيرها، ولكن الشرع بين حدود ذلك وقيده بالضوابط والقواعد والأحكام.
  • القومية تقر مبدأ الظلم بين البشر، حيث أنها تفضل عنصراً على عنصر ولوناً على لون، أما الإسلام فإنه يقر مبدأ المساواة بين أفراد الجنس البشري.
  • أعداء الإسلام يرفعون شعار القومية ويتخذونها ديناً لجمع شعوبهم على هدف واحد، وهو أن يصرفوا أمة الإسلام عن دينها القويم ويجعلوها تتغنى بالقومية.

نشاط (1)
عزيزي الطالب، لا ينكر الإسلام رابطة الدم والعنصر والجنس والقوم، ابحث عن أدلة وحوادث من القرآن الكريم والسنة النبوية تؤيد ذلك وناقشها مع زملائك من خلال صفحة الفيس بوك الخاصة بالمقرر.

  • مقدمة
  • التغريب وعلاقته بالغزو الفكري
  • وسائل التغريب
  • مظاهر التغريب
  • نشاط
  • اختبر نفسك

يتعرض العالم الإسلامي لهجمات عدة، ومن أخطر هذه الهجمات تغريب المسلمين عن دينهم، فهو سلاح أعداء الإسلام الذين تسلحوا به بعدما عجزوا عن تحقيق غاياتهم الرامية إلى هدم الإسلام في نفوس المسلمين وهدم أمتهم عن طريق الحروب المادية المسلحة، فلجأوا إلى سلاح جديد مسلح بالفكرة والحيلة والتعليم والحضارة الإسلامية. وسنتعرف في هذا الموضوع على مفهوم التغريب ومدى ارتباطه بالغزو الثقافي الفكري، وما هي وسائله ومظاهره.

بعد الانتهاء من هذا الموضوع، ستكون قادراً على أن:

  • تبين مفهوم التغريب وارتباطه بالغزو الفكري.
  • تحدد وسائل التغريب.
  • توضح مظاهر التغريب.

التغريب لغةً:
من غرّب تغريباً: أي نحاه وأبعده، والتغريب هو النفي عن البلد.

التغريب اصطلاحاً:
هو مجموعة من الدراسات والأعمال والثقافات التي تجري حول المسلمين، وتطبق على مجتمعاتهم، فتؤدي بهم في النهاية أن يتشبعوا بالفكر الغربي والحضارة الغربية المعادية للإسلام أو يكونوا تحت تأثير هذه الحضارة بحيث تحتويهم وتقضي على شخصيتهم وعلى ولائهم لدينهم.

وضع الغرب خطة خبيثة للقضاء على المسلمين والسيطرة عليهم، ولتحقيق ذلك وضعوا نصب أعينهم القضاء على الدولة العثمانية والقيام بتغريب العالم الإسلامي وتدمير ثقافته، وذلك من خلال الغزو الفكري والثقافي في ميادين التربية والتعليم والتشريع، فهي هدفت للقضاء على تقاليده الاجتماعية والأدبية والاقتصادية والسياسية، كما فلحت في تكوين أجيال تنظر إلى ماضيها كله على أنه أنقاض أو مخلفات ينبغي أن تختفي ليحل محلها البناء الجديد الذي وضع الغرب حضارته وصورته، فكان هدفها الأول إصابة العلوم الدينية وإسقاطها عن مكانتها التقليدية، وكان الهدف من ذلك كله هو:

  • قتل روح الجهاد ضد الصليبيين، وذلك بإزالة الحاجز العقيدي الذي يذكر المسلم دائماً بأنه مسلم وأعدائه كفار يجب أن يجاهدهم، أما إذا تغرب فلم يعد هذا الحاجز قائماً في نفسه ولم يعد يثير عنده ما يثيره الإسلام في نفس المسلم.
  • يضمن التغريب تبعية العالم الإسلامي للغرب، لأنه حينما يتغرب يحس أن انتماءه لم يعد للإسلام وإنما للغرب فلا يشعر برغبةٍ في الانفصال عنه.

اتخذ الغزو الثقافي والفكري وسائل عدة لصرف المسلمين عن دينهم وحضارتهم الإسلامية، ومنها:

وهو أخطر مجالات الحياة الاجتماعية والسيطرة عليه سيطرة على مستقبل الأمة، فقد وجه الأعداء اهتمامهم إلى التعليم ليفسدوه، وفرضوا خططهم ومناهجهم التعليمية ليؤكدا في نفوس المتعلمين احترام فكر الغرب واحتقار الفكر الإسلامي والحضارة والثقافة الإسلامية، كما شن المستعمر حرباً عنيفة على اللغة العربية الفصحى لغة القرآن الكريم من خلال الدعوة إلى استخدام العامية واللهجات الإقليمية، كما تولى مستشار وزارة المعارف المصرية ( القسيس دنلوب) مهامه التي تهدف إلى صرف المسلمين عن دينهم وذلك من خلال فتح مدارس جديدة تعلم العلوم الدنيوية ولا تعلم الدين إلا تعليماً هامشياً؛ وذلك ليشكك الأجيال بتاريخهم وبأهم شخصياتهم التي تمثل رمزاً للدين ومفخرة للمسلمين وعلى رأس هؤلاء جميعاً نبينا محمد (ﷺ).

اهتم الغرب بتشجيع كل فن هابط ببثه ونشره في المجتمعات، وشكلت الصحافة خطراً كبيراً لأنها شملت المثقفين وغير المثقفين، وأخطر موضوع اشتغلت به الصحافة التغريبية هو تحرير المرأة بالمفهوم الغربي؛ فهاجمت الصحافة الحجاب ودعت إلى خلعه، كما دعت إلى الاختلاط وعمل المرأة خارج بيتها دون أية ضوابط أو قيود وذلك كله تحت مسميات خادعه كالمساواة وتحرير المرأة.

إن الإسلام دين ودولة، عقيدة وشريعة، أخلاق وقيم، فمن خلال عملية التغريب المستمرة استطاع أعداء الإسلام أن يفصلوا الدين عن السياسة وذلك من خلال الأمور التالية:

  • القضاء على الخلافة الإسلامية.
  • تقسيم الدولة الإسلامية إلى عدة دول.
  • استيراد النظم والمبادئ من الغرب وسن القوانين الوضعية.
  • بروز الزعامات العلمانية.

استطاع التغريب بوسائله المختلفة التغلغل في المجتمع الإسلامي وذلك من خلال التربية والتعليم والسياسة، وكان من نتائج ذلك أن نرى صورة التغريب ومظاهره كثيرة في المجتمع الإسلامي، ومن هذه المظاهر:

  • فتنة الشعوب الإسلامية بالحضارة الأوروبية المادية وتطلعهم إليها بشغف، وانبهارهم بمنجزاتها نتيجة شعورهم بنقص تجاهها، ولقد كانت هذه الفتنة بالحضارة الأروبية مناخ ملائم لزحف كل ما لدى الغربيين من سلوك وأفكار وعادات مناقضة لمبادئ الإسلام ومفاهيمه وشرعه.
  • تسلل الدسائس من أعداء الإسلام إلى حصون الأمة الإسلامية، فقامت الأحزاب ذات الشعارات الخادعة والمعادية سراً أو جهراً للدين، والمرتبطة عن طريق الولاء الخفي بدولة من الدول المعادية للإسلام والمحاربة له.
  • ظهور فكرة خبيثة تنادي بأن الدين من الأعمال الشخصية والفردية التي تترك للإنسان الحرية الكاملة دون التقيد بالآداب الدينية.
  • الدعوة المستمرة إلى عقد المؤتمرات والندوات الثقافية والاجتماعية والاقتصادية البعيدة عن المنهاج الإسلامي في تخطيطها وفلسفتها.
  • إشاعة استعمال المصطلحات والتسميات الغربية ونبذ المصطلحات الإسلامية، مثل الديمقراطية بدل الشورى والمشروبات الروحية بدل الخمور.

نشاط (1)
من التهديدات التي تواجه المجتمع المسلم هو صبغ المسلمين بالصبغة الغربية في كافة الجوانب الفكرية والسلوكية، عزيزي الطالب بيّن بما لا يزيد عن صفحتين أثر التغريب والغزو الفكري والثقافي على المسلمين وعقيدتهم مناقشاً ذلك مع زملائك من خلال صفحة الفيس بوك الخاصة بالمقرر.

عزيزي الطالب، وضحنا في هذه الوحدة تحديات كبيرة تواجه الإنسان المسلم والمتجمع الإسلامي، وتحاول هدم أركانه وجعله يعيش على هامش الحضارات الأخرى، ومن هذه التحديات، العلمانية، والتطرف، والقومية، والتغريب، وبينا أساليبها في التأثير في المجتمع المسلم، هذه التحديات وضعت المسلم على مفترق الطرق أمام موجات الغزو الثقافي والفكري الذي جند له أعداء الإسلام منذ قرون كل إمكاناتهم المادية والمعنوية لمحاربة الإسلام عقيدةً وحضارةً وتاريخاً ونموذجاً بشرياً نشر الهدى والحق في أرجاء الأرض، كما تبين لك من خلال هذه الوحدة أساليب المكر والدهاء التي اجتهد لها هؤلاء الأعداء دعاة العلمانية، فظهر زيفهم في فصل الدين عن الحياة، ودعاة القومية الذين ما زادوا الشعب إلا عذاباً وبؤساً والغلاة في تدينهم وتطرفهم الذين أبعدوا صورة الإسلام الجميلة الوضاءة فكانوا منبوذين قساة حاقدين، أما دعاة التغريب الذين انسلخوا عن دينهم وتراثهم، فهم الذين يتبعون كل ناعق ولا يثبتون على حال. فلولا أن الإسلام حق بذاته، ومؤيد بتأييد الله، ومحفوظ بحفظه، لم تبقَ منه بقية تصارع قوى الشر في الأرض، فسبحان من تكفل بحفظ دينه وإعلاء كلمة الحق في الأرض.

نشاط الوحدة
عزيزي الطالب، اختر أحد القضايا الفكرية في هذه الوحدة وأعطي مثالاً من الواقع الحالي يمثل هذه القضية موضحاً أثرها على المجتمع الإسلامي، وناقش ذلك مع زملائك من خلال صفحة الفيس بوك الخاصة بالمقرر.

نشاط

جامعة القدس المفتوحة. (2014)، مقرر الثقافة الإسلامية . عمان، الأردن: جامعة القدس المفتوحة.
قطب، سيد. (2003 ). في ظلال القرآن . (ط.32). القاهرة، مصر: دار الشروق.

جامعة القدس المفتوحة
مركز التعليم المفتوح - OLC
تابعونا
الدعم والمساندة