في هذه الوحدة سنعيش معاً في رحاب القرآن الكريم نستنشق عبيره، ونتذوق جماله، ونتدبر آياته ونتتبع آثاره في الثقافة الإسلامية، فلم يترك كتاب قط أثراً كما ترك القرآن الكريم؛ لأنه كتاب البشرية الأعظم ودستورها الأقوم، مصداقاً لقوله تعالى: ﴿إِنَّ هَٰذَا الْقُرْآنَ يَهْدِي لِلَّتِي هِيَ أَقْوَمُ﴾ (الإسراء: 9). تتوزع موضوعات الوحدة الثالثة على أربعة مواضيع، يتناول الموضوع الأول القرآن الكريم ومقاصده، وسنتعرف في الموضوع الثاني على الإعجاز البياني ووجوهه، أما الموضوع الثالث سنوضح فيه الإعجاز الموضوعي ووجوهه المختلفة، وسنبين في الموضوع الرابع أثر القرآن الكريم في الثقافة الإسلامية.
- تبين معنى القرآن الكريم لغةً واصطلاحاً ومقاصده.
- توضح الإعجاز البياني ووجوهه.
- توضح الإعجاز الموضوعي ووجوهه.
- تتعرف على عظم التشريعات الإسلامية وتفوقها على غيرها من التشريعات.
- توضح النقلة التي أحدثها القرآن الكريم في العرب والعالم وفي الجوانب الثقافية.
- تدرك عظمة القرآن الكريم ووجوه إعجازه.
- تستشهد بالأمثلة التي تبين وجوه الإعجاز القرآني.
عزيزي الطالب، اضغط على الخريطة الآتية لتتعرف على أهم الموضوعات التي تناولتها الوحدة.
للتعرف على تفاصيل الوحدة، يمكنك تصفح الموضوعات التالية:
- مقدمة
- تعريف القرآن الكريم
- مقاصد القرآن الكريم
- اختبر نفسك
القرآن الكريم هو كتاب الله المعجز الذي أحكمت آياته ثم فصلت من لدن حكيم خبير، نزل باللغة العربية، فهي وعاء القرآن العظيم وقد استمدت منه علومها، ومنه تفجر ينبوعها وبلاغتها مما جعلها من أعظم اللغات العالمية في أساليبها وبيانها ومادتها، ومقاصد القرآن الكريم وغاياته عظيمة؛ لأنها نابعة من القرآن الكريم الذي ما أنزل إلا لمقصد عظيم وهو هداية الناس أجمعين.
بعد الانتهاء من هذا الموضوع، ستكون قادراً على أن:
- تعرف القرآن الكريم لغةً واصطلاحاً.
- تبين مقاصد القرآن الكريم .
القرآن الكريم لغةً:
انقسم علماء اللغة إلى عدة أقسام في تحديد لفظ القرآن الكريم، ومن هذه الأقوال :
- القرآن اسم علم غير مشتق وهو خاص بكلام الله تعالى، وهذا ما ذهب إليه الشافعي والسيوطي وابن كثير.
- القرآن اسم مشتق مهموز من قرأ أي تلا، وهذا ما ذهب إليه اللحياني وغيره.
- القرآن وصفٌ مشتقٌّ من القَرْءِ أي الجمع، ومثال ذلك: قرأت الماء في الحوض؛ أي جمعته فيه. وسُمِّي القرآن بهذا الإسم لأنَّه يجمع كل شيء دون تفريط كما جاء في قوله تعالى: ﴿ مَّا فَرَّطْنَا فِي الْكِتَابِ مِن شَيْءٍ ﴾ (الأنعام: 38).
القرآن الكريم اصطلاحاً:
هو كلام الله تعالى، المنزل على رسول الله (ﷺ) ، المعجز، المتعبد بتلاوته، المنقول إلينا بالتواتر، المبدوء بسورة الفاتحة والمختوم بسورة الناس. وللقرآن الكريم أسماء أخرى منها: الفرقان، الذكر، الكتاب.
المقاصد:
هي الغايات العظمى أو الأهداف العليا التي يراد تحقيقها أو الوصول إليها.
والمقاصد القرآنية عظيمة؛ لأنها نابعة من القرآن الذي ما أُنزل إلا لمقصد عظيم وهو هداية الناس أجمعين، فالغاية الكبرى التي يسعى القرآن الكريم لإيجادها هي
الإنسان الصالح العابد، ولتحقيق هذا المقصد العظيم لا بد من تحقيق منظومة من المقاصد والغايات الفرعية، ومن هذه المقاصد الفرعية :
الحرية من المقاصد الكبرى التي أرادها القرآن الكريم، فهي تعني الخلاص من كل القيود التي تحد من قدرات الإنسان على التفكير والعمل واتخاذ القرارات المناسبة دون هيمنة لأحد إلا لله تعالى.
فهذه الحرية ضرورية لأن الله أعد الإنسان لمهمة كبرى وهي أن يكون خليفة الله في الأرض، والخليفة هو الحاكم، فكيف يحكم بالعدل إذا لم يكن حراً؟!. ولا بد أن تكون هذه الحرية واعية مناطها العقل والاكتشاف والإقناع بعيداً عن العقائد الموروثة أو التقليد الأعمى للآباء والآجداد. فالمقصد من الحرية التي يريدها القرآن هي إطلاق تفكيره وعمله وقوله في إطار منهج الله من غير خضوع لأحد ولا خوف إلا من الله تعالى.
ويقصد به القدرة على تنظيم المجتمع البشري واستمرار تواصله، بما يحفظ لأفراده الحرية من جهة وللمجتمع سلامة المسيرة ومزيداً من الحرية الواعية المنظمة القائمة على التوجيه الإلهي، كي ينطبق عليهم قول الله تعالى: ﴿كُنتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ ﴾ (آل عمران: 110)، وهذه الأمة لا بد أن تتصف بصفات لتكون مؤهلة للمكانة التي أرادها لها القرآن الكريم وهي:
- الأمر بالمعروف.
- النهي عن المنكر.
- الإيمان بالله تعالى.
وبهذا يكون مقصد القرآن الكريم تزكية النفس بالفضائل من خلال اتباع منهاج الله تعالى في الحياة بشكل عملي (تطبيقي) باتباع الأوامر والانتهاء عن النواهي.
ركز القرآن الكريم على العمل وحث عليه، والعمل في المنظار القرآني مقرون بالإيمان، وهو رمز للنشاط والكسب الحلال، ويقسم العمل من وجهة نظر الإسلام إلى قسمين:
-
عمل يتفق مع المنهاج الرباني، ومن مواصفاته:
- أن يكون العمل منظماً.
- أهمية الأخذ بالأسباب.
- الكفاءة في العمل.
- تحسين دائم لعملية الإنتاج وما يترتب على ذلك من منافع للمجتمع البشري.
-
عمل يخالف المنهاج الرباني
نهى الإسلام عن الكسب الحرام لأنه شؤم وبلاء على صاحبه.
فمقصد القرآن الكريم تربية الإنسان وإعداده ليكون صالحاً عابداً، ولا يأتي ذلك إلا إذا كان لديه استعداد للعمل المشروع.
يظهر هذا المقصد من خلال قوله تعالى: ﴿
كَمَا أَرْسَلْنَا فِيكُمْ رَسُولًا مِّنكُمْ يَتْلُو عَلَيْكُمْ آيَاتِنَا وَيُزَكِّيكُمْ وَيُعَلِّمُكُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَيُعَلِّمُكُم مَّا لَمْ تَكُونُوا تَعْلَمُونَ ﴾ (البقرة: 151)، فالله سبحانه وتعالى أرسل رسولاً يتلو على الناس الآيات المبينة للحق من الباطل، ويطهرهم من دنس الشرك وسوء الأخلاق ويعلمهم الكتاب والسنة وأحكام الشريعة، ويعلمهم أخبار الأنبياء وقصص الأمم السابقة مما كانوا يجهلونه.
إن المقصد العظيم الذي يتطلع إليه القرآن الكريم يتمثل في استثمار ما زرعه الله من استعداد فطري في الإنسان من حب للعلم والتعلم واكتشاف العلاقات والتعرف على شؤون الحياة المختلفة. فهنا يكون مقصد القرآن العظيم تربية الحواس والعقل وفق منهاج الله تعالى، فالعلم لا يكون إلا بالتعلم وإدراك العلاقات والتوصل إلى النتائج، والغاية من التعلم هو الوصول إلى المعرفة وإلى الحكمة من وراء الأحداث والتبصر في مخلوقات الله، فعظمة المخلوق تدل على عظمة الخالق وبهذا يصبح مقصد الإنسان وغايته هي إرضاء الله تعالى وطاعته وامتثال أوامره واجتناب نواهيه عن علم وتجربة وقناعة.
نشاط (1)
عزيزي الطالب، أن للعلم مقام عظيم في شريعتنا الغراء، فأهل العلم هم ورثة الأنبياء، وفضّل الله سبحانه وتعالى الَّذين أوتوا العلم على غيرهم، ابحث عن الآيات القرآنية التي توضح ذلك ثم اكتب أربعة منها، ويمكنك مناقشة زملائك هذا الموضوع في صفحة الفيس بوك الخاصة بالمقرر.
- مقدمة
- مفهوم الإعجاز البياني
- وجوه الإعجاز البياني
- نشاط
- اختبر نفسك
جرت سنة الله في الأرض أن يرسل رسله إلى خلقه لدعوتهم إلى توحيد الله تعالى وعبادته وترك ما كان عليه بعضهم من الكفر والضلال، وقد أيد الله سبحانه أنبياءه ورسله بعدد من الآيات والمعجزات إكراماً وتأييداً لهم في دعوتهم، فمعجزات الأنبياء والمرسلين من قبل كانت معجزات حسيّة مادّية مُشاهدة ، بينما تختلف معجزة القرآن الكريم في كونها معجزة تدرك إعجازها العقول حينما تتبيّن إعجازه الموضوعي والبياني، وفي هذا الموضوع سنتعرف على الإعجاز البياني في القرآن الكريم ووجوهه المختلفة.
بعد الانتهاء من هذا الموضوع، ستكون قادراً على أن:
- تعرف الإعجاز البياني.
- توضح وجوه الإعجاز البياني.
- تحدد إعجاز القرآن البياني من خلال حروفه وكلماته وجمله.
الإعجاز البياني في القرآن الكريم:
هو الدقة في اختيار كلمات القرآن الكريم، وترتيبها بصور بديعة، حيث تظهر الفصاحة والبلاغة والبيان بصورة يفهمها القارئ ويسهب في تدبرها.
ويعرَف الإعجاز القرآني البياني كما يرى الإمام الجرجاني (1983) في كتابه التعريفات : «هو أن يرتقي الكلام في بلاغته إلى أن يخرج عن طوق البشر ، ويعجزهم عن معارضته».
شاءت إرادة الله أن يكون القرآن عربياً، وأن يكون الإعجاز بيانياً، فقد ملك القرآن الكريم قلوب العرب بفصاحته وبلاغته وبهرهم بأسلوبه، فمن أسرار بيانه التي أعجزت العرب كما يرى الإمام الخطابي (1976، ص 27-1) : «القرآن الكريم جاء
بأفصح الألفاظ في أحسن نظوم التأليف مضمناً أصح المعاني واضعاً كل شيء موضعه الذي لا يُرى شيء أولى منه، ولا يُرى في صورة العقل أمر أليق منه». أما الإمام عبد القاهر الجرجاني (1992، ص 36) فيرى أن ما أعجز العرب في القرآن الكريم هو: " مزايا نظمه وخصائص في سياق لفظه".
للإعجاز البياني وجوه عدة، منها:
وهو ما يسمى بفواتح السور، مثل: ألم، كهيعص، الر، وغيرها. وقد ذهب العلماء في تفسيرها إلى أقوال كثيرة منها:
- قال بعض العلماء بأن هذه الحروف تحمل معاني معينة مثل:(ألم)تعني أن الله عالم، و(كهيعص) تعني أليس الله بكافٍ عبده.
- قال بعضهم أن هذه الحروف لا يعلم سرها إلا الله وحده.
- قال فريق ثالث وهو الرأي الأرجح بأن هذه الحروف هي استمرار لمرحلة التحدي والإعجاز، فهي من حروف لغة العرب الذي تحداهم القرآن على أن يأتوا بمثل هذا القرآن المكتوب بحروف لغتهم.
- يرى فريق آخر أن هذه الحروف لم يصل بعد التحقيق في معناها لعل وعسى أن يأتي من يعرف سرها ومعناها.
يقصد به ذلك الاتصال والترابط بين مفردات وآيات وسور القرآن الكريم، بحيث لا يمكن أن نحذف كلمة أو نغير موقعها.
مظاهر الإعجاز البياني في الكلمة وحروفها عند الرافعي (2005):
هناك ثلاثة مظاهر للإعجاز البياني في الكلمة وحروفها، وهي:
- صوت النفس: هو الصوت الموسيقي العذب الذي ينبع من تأليف حروف الكلمة واجتماعها وحركاتها ومخارج حروفها.
- صوت العقل: وهو معنى الكلمة ومخاطبتها للعقل والفكر.
- صوت الحس: وهو اجتماع صوت النفس وصوت العقل، وهو روح الإعجاز في القرآن الكريم.
أمثلة على الإعجاز في التشكيل البنائي
- قوله تعالى: ﴿
وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِي الْأَرْضِ
﴾ (النور: 55).
كلمة (ليستخلفنهم) مكونة من عشرة حروف، جاءت عذوبتها من تنوع مخارج حروفها ومن نظم حركاتها، فبدت وكأنها أربع كلمات. -
دقة اختيار الألفاظ القرآنية من خلال التفريق بين (القلب، والفؤاد، واللب) في قوله تعالى:
قال تعالى: ﴿ إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤَادَ كُلُّ أُولَٰئِكَ كَانَ عَنْهُ مَسْئُولًا ﴾ ( الإسراء: 36).
قال تعالى: ﴿ لَقَدْ كَانَ فِي قَصَصِهِمْ عِبْرَةٌ لِّأُولِي الْأَلْبَابِ ﴾ ( يوسف: 111).
قال تعالى: ﴿ إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ إِذَا ذُكِرَ اللَّهُ وَجِلَتْ قُلُوبُهُمْ ﴾ ( الأنفال: 2).
ففي هذه الآيات لو حاولنا تغيير مواقع هذه الكلمات لتغير المعنى، فمعنى الآيات التي ذكر فيها الفؤاد تقود إلى التفكير، أما اللبّ فهي لا تأتي إلا جمعاً ويراد منها التفكير أيضاً، أما القلب فإنه أداة الإرادة النابعة من الوجدان، فهكذا كان إعجاز القرآن الكريم في دقة اختياره وتصويره للمعنى المراد وما تتركه الألفاظ من إيحاءات، حتى بدت كل لفظة من ألفاظه كحبة العقد متلألئة في مكانها.
انقسم العلماء بين مؤيد للّفظ ومؤيد للمعنى، وقد بالغ بعضهم في رأيه، بينما وقف فريق ثالث باعتدال وحاول التوفيق بين الرأيين، فذكروا محاسن القولين وجمعوا بينهما، فمن الخصائص البيانية الأسلوبية في القرآن الكريم عند دراز(2005):
- القصد في اللفظ والوفاء بحق المعنى: فالقرآن يستثمر أقل ما يمكن من اللفظ في توليد أكثر ما يمكن من المعاني.
- خطاب العامة والخاصة: فخطاب العامة والخاصة غايتان متناقضتان عند البشر وتحتاج إلى نوعين من الكلام، لكن القرآن الكريم جمع بينهما ببراعة واقتدار؛ ففي النص الواحد استطاع أن يخاطب الناس جميعاً عالمهم وجاهلهم، سادتهم وعبيدهم، فالقرآن ميسر لكل من أراد مصداقاً لقوله تعالى: ﴿ وَلَقَدْ يَسَّرْنَا الْقُرْآنَ لِلذِّكْرِ فَهَلْ مِن مُّدَّكِرٍ ﴾ (القمر: 17).
- إقناع العقل وإمتاع العاطفة: وهي أرقى أنواع البيان ولا يرقى لها أحد إلا كلام الله وحده، فنص واحد من القرآن الكريم يشبع نهم عقلك ويلبي حاجة عاطفتك.
- البيان والإجمال: فالقرآن الكريم يرد فيه الكلام بدايةً بإيجاز واختصار، ثم يليه بيان وتفسير هذا المعنى، ومن الأمثلة على ذلك قوله تعالى: ﴿ اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ ﴾ (الفاتحة: 6)، ففي هذه الآية الكريمة إجمال وإبهام في تحديد الصراط ومواصفاته وأهله ومن سيسلكه ، فيأتي الله عز وجل بعدها لإزالة الإبهام وبيان الإجمال فيقول تعالى: ﴿ صِرَاطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلَا الضَّالِّينَ ﴾ (الفاتحة: 7)، فمجيء هذه الآية تفصيل لأهل هذا الصراط، فهم الذين أنعم الله عليهم بالإيمان، وليسوا من المغضوب عليهم ولا من الضالين.
وهو من أوجه الإعجاز العظيمة في كتاب الله عز وجل حيث يقوم بنقل المعاني وكأنها صورة تحدث أمام نفسك، وقد ورد في القرآن الكريم نوعين من الصور التشبيهية وهما:
ورد في القرآن الكريم كم هائل من الصور التشبيهية التي تخرج المعاني الذهنية في صورة حسية تُرسم في المخيلة حية متحركة ومنها:
- تشبيه ما تقع عليه الحاسة بما لا تقع عليه، نحو قوله تعالى: ﴿ طَلْعُهَا كَأَنَّهُ رُءُوسُ الشَّيَاطِينِ ﴾ (الصافات: 65)، فالمشبه به صورة غير مألوفة ولكنها تترك أثراً في النفس يعكس بشاعة صورة الشياطين.
- تشبيه ما لا يحس بما يحس كالسراب، نحو قوله تعالى: ﴿ وَالَّذِينَ كَفَرُوا أَعْمَالُهُمْ كَسَرَابٍ ﴾ (النور: 39)، فقد يغر بعض الناس بعمل الكافرين، فقد يطعمون الفقراء ويرحمون الضعفاء ويرفقون بالحيوان ، فيظن الغافل أن لهم ثواباً على هذا كله، فيأتي النص القرآني ليحسم أن لا ثواب في الآخرة للكفار وأن ما فعلوه تظنوه شيئاً وليس هو عند الله بشيء فهو مجرد وهم .
- تشبيه ما لا تجري به العادة بما جرت به العادة، نحو قوله تعالى: ﴿ إِنَّمَا مَثَلُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا كَمَاءٍ أَنزَلْنَاهُ مِنَ السَّمَاءِ فَاخْتَلَطَ بِهِ نَبَاتُ الْأَرْضِ مِمَّا يَأْكُلُ النَّاسُ وَالْأَنْعَامُ حَتَّىٰ إِذَا أَخَذَتِ الْأَرْضُ زُخْرُفَهَا وَازَّيَّنَتْ وَظَنَّ أَهْلُهَا أَنَّهُمْ قَادِرُونَ عَلَيْهَا أَتَاهَا أَمْرُنَا لَيْلًا أَوْ نَهَارًا فَجَعَلْنَاهَا حَصِيدًا كَأَن لَّمْ تَغْنَ بِالْأَمْسِ ﴾ (يونس: 24)، فوجه الشبه حصول البهجة والزينة وبلوغهما الغاية ثم هلاك مفاجئ، فهذه الدنيا فانية زائلة مهما ظهر منها من زخرف وزينة وأموال ، فهي تماماً كالأرض الخضراء متزينة جميلة نضرة ، ثم فجأة يزول ذلك كله فتصبح الأرض يابسة وتزول زينتها وكأنها لم تكن يوماً جميلة خضراء نضرة .
- تشبيه ما لا يعرف بالبديهة، نحو قوله تعالى: ﴿ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا السَّمَاوَاتُ وَالْأَرْضُ ﴾ (آل عمران: 133)، فهنا جاءت صورة المشبه به هائلة وعظيمة ولكن يصعب تحديدها، فنحن لا نعرف ما هو عرض الجنة ولا عرض السموات والأرض، والقصد من التشبيه هنا أن نذهب بأذهاننا وعقولنا إلى بعيد بعيد في مدى سعة الجنة وعظمتها وكبرها.
- تشبيه ما لا قوة له في الصفة إلى ما له قوة، كتشبيه السفن بالجبال، نحو قوله تعالى: ﴿ وَلَهُ الْجَوَارِ الْمُنشَآتُ فِي الْبَحْرِ كَالْأَعْلَامِ ﴾ (الرحمن: 24) ، فهده الآية شبهت السفينة الضعيفة التي تتلاعب بها المياه يمنياً وشمالاً بالجبال القوية الشامخة في اليابسة ، فمقصد التشبيه هنا أن السفينة ظاهرة واضحة بارزة فوق الماء تماماً كالجبال الشامخات الراسيات فوق سطح الأرض .
مثال:
قال تعالى: ﴿
مَثَلُ الَّذِينَ حُمِّلُوا التَّوْرَاةَ ثُمَّ لَمْ يَحْمِلُوهَا كَمَثَلِ الْحِمَارِ يَحْمِلُ أَسْفَارًا بِئْسَ مَثَلُ الْقَوْمِ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآَيَاتِ اللَّهِ وَاللَّهُ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ
﴾ (الجمعة: 5).
يظهر الإعجاز البياني في هذه الآية من خلال الصورة التمثلية فيها، فظاهر التشبيه أن مثل اليهود كمثل الحمار الذي لا يعقل، ولكن الصورة تكمن في إعطاء اليهود فرصة عظيمة ومنحة كبرى بإنزال التوراة عليهم لتكون لهم نبعاً يستقون منه الحكمة والهداية، ولكن عجزهم وتقصيرهم وعدم انتفاعهم بما في التوراة من علوم نافعة، جعلهم أشبه بالحمار الذي يحمل أسفاراً دون أن ينتفع بما في تلك الأسفار من علوم نافعة.
لم يقتصر القرآن الكريم على الصور الحسية الحية التي تنبض بالحياة، بل تناول نوع آخر من صور الإبداع القرآني وهو التشخيص، ويقصد به خلع الحياة على الجمادات والظواهر الطبيعية والانفعالات الوجدانية وجعلها تتصف بالصفات الانسانية، فالقمر يستقبلك باسماً والليل يودعك حزيناً والنهر يضحك والجبل يمشي. وقد زخرت الآيات القرآنية الكريمة بصور يظهر فيها حسن التشخيص وجماليته.
أمثلة على الصور التشخيصية في القرآن الكريم :
-
قوله تعالى: ﴿
وَالصُّبْحِ إِذَا تَنَفَّسَ
﴾ (التكوير: 18).
فالقرآن الكريم قدم الصبح شاخصاً، فهو شخص حي مستيقظ يتنفس ويفيض حيوية. -
قوله تعالى: ﴿
يَوْمَ نَقُولُ لِجَهَنَّمَ هَلِ امْتَلَأْتِ وَتَقُولُ هَلْ مِن مَّزِيدٍ
﴾ (ق: 30).
فالقرآن الكريم عرض جهنم بصورة حية شاخصة ذات مشاعر وعواطف آدمية، فجعل جهنم تحاور وتقول وتطلب المزيد، كما صورها بأن لها عيناً تبصر بها روادها من بعيد فيتعالى صوتها من شدة غيظها عليهم.
نشاط (1) استعمل القرآن الكريم التشبيه لتصوير المعاني الذهنية والحالات النفسية ولتشخيص النماذج الإنسانية، كما استخدمها لتبين الحقائق العلمية والعملية والمحسوسة والمعقولة. عزيزي الطالب تمعن في هذه الآيات الكريمة وقم بتحليلها لاستنباط الصور التشبيهية الموجودة فيها. يمكنك الإستعانة بكتاب سيد قطب بعنوان التصوير الفني في القرآن الكريم وكتاب الخالدي بعنوان إعجاز القرآن البياني ودلائل مصدره الرباني .
- قوله تعالى: ﴿ إِنَّ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآيَاتِنَا وَاسْتَكْبَرُوا عَنْهَا لَا تُفَتَّحُ لَهُمْ أَبْوَابُ السَّمَاءِ وَلَا يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ حَتَّىٰ يَلِجَ الْجَمَلُ فِي سَمِّ الْخِيَاطِ وَكَذَٰلِكَ نَجْزِي الْمُجْرِمِينَ ﴾ (الأعراف: 40).
- قوله تعالى: ﴿ مَّثَلُ الَّذِينَ كَفَرُوا بِرَبِّهِمْ أَعْمَالُهُمْ كَرَمَادٍ اشْتَدَّتْ بِهِ الرِّيحُ فِي يَوْمٍ عَاصِفٍ لَّا يَقْدِرُونَ مِمَّا كَسَبُوا عَلَىٰ شَيْءٍ ذَٰلِكَ هُوَ الضَّلَالُ الْبَعِيد ﴾ (إبراهيم: 18).
- قوله تعالى: ﴿ وَفِي عَادٍ إِذْ أَرْسَلْنَا عَلَيْهِمُ الرِّيحَ الْعَقِيمَ ﴾ ( الذاريات: 41).
- مقدمة
- مفهوم الإعجاز الموضوعي
- الإعجاز العلمي
- الإعجاز التشريعي
- الإعجاز الغيبي
- الإعجاز الروحي
- الإعجاز النفسي
- تدريب
- نشاط
- اختبر نفسك
إن القرآن الكريم كتاب الله تعالى لكل البشر، فاقتضى ذلك أن تتنوع أوجه الإعجاز فيه لتشمل البشر جميعاً بمختلف قومياتهم ومستوياتهم العلمية ولغاتهم، فلم يقتصر القرآن الكريم على الإعجاز البياني رغم أهميته وسيادته لبقية أنواع الإعجاز، بل تضمن أنواعاً أخرى من الإعجاز مثل الإعجاز الموضوعي الذي سنتعرف عليه في هذا الموضوع.
بعد الانتهاء من هذا الموضوع، ستكون قادراً على أن:
- توضح الإعجاز الموضوعي وأنواعه المختلفة.
- توضح الإعجاز العلمي ووجوهه.
- تبين الإعجاز التشريعي ومزاياه.
- تثق بأن التشريعات القرآنية فيها سعادة للبشرية جمعاء.
- توضح الإعجاز الغيبي وأنواعه.
- توضح الإعجاز الروحي و كيفية الخلاص من قيود المادة لنرتقي بأرواحنا .
- تبين الإعجاز النفسي في القرآن الكريم.
الإعجاز الموضوعي في القرآن الكريم: هو تناول مضمون النص القرآني ومواضيعه والبحث عن قضايا الإعجاز فيها، التي قد تكون حقائق أثبتها العلم وأقر بها، أو تكون قوانين ونظم وتشريعات يعترف العقل البشري بقوتها وإبداعها وعمقها، أو تكون من نوع الإخبار بالغيب، أو تكون قضايا روحية ونفسية. وهناك عدة وجوه للإعجاز الموضوعي وهي:
- الإعجاز العلمي.
- الإعجاز التشريعي.
- الإعجاز الغيبي.
- الإعجاز الروحي.
- الإعجاز النفسي.
الإعجاز العلمي في القرآن : هو إخبار القرآن الكريم بعدد من حقائق الكون وظواهرهِ التي لم تتمكن العلوم المكتسبة من الوصولِ إلى فهم شيء منها إلا بعد قرون طويلة مما يظهر صدق النبي محمد (ﷺ) فيما أخبر به عن ربه؛ فلم تتعارض أية معرفة علمية مع ما جاء في القرآن الكريم على الرغم من هذا السيل الجارف من المعرفة والتفجر العلمي والثورة المعلوماتية وطول الفترة الزمنية التي مرت على كشف المعرفة العلمية.
أنواع الإعجاز العلمي في القرآن الكريم:
تحدّثت آيات القرآن الكريم عن الكثير من الآيات الكونيّة والاختراعات والاكتشافات التي أثبتها العلم، وأمثلة ذلك كثيرة منها:
- قوله تعالى: ﴿
وَجَعَلْنَا مِنَ الْمَاءِ كُلَّ شَيْءٍ حَيٍّ
﴾ (الأنبياء: 30).
يعتبر الماء عنصراً رئيسياً في الطبيعة لا تستطيع أي من الكائنات العيش بدونه، واكتشف العلماء بأن جميع التفاعلات التي تحدث في خلايا جسم الإنسان لا تتم إلا بوجوده، والماء له من الخواص ما يجعله سر الحياة، فالقرآن الكريم أخبر عن هذه الحقيقة العلمية منذ مئات السنين، وتمكن العلم من اكتشافها في العصر الحديث. - قوله تعالى: ﴿
وَالْأَرْضَ بَعْدَ ذَٰلِكَ دَحَاهَا
﴾ (النازعات: 30) .
ففي هذه الآية أشار القرآن الكريم إلى كروية الأرض في زمن ساد فيه الاعتقاد بالاستواء التام للأرض بلا أدنى انحناء، فكلمة دحاها التي ذكرت في القرآن الكريم تدل على أن الأرض بيضاوية الشكل.
وجه القرآن الكريم الإنسان إلى تدبر كتاب الله والتبصر في آياته، وذكر القرآن الكريم الكثير من الشواهد التي تتعلق بالإنسان منها:
- قوله تعالى: ﴿
بَلَىٰ قَادِرِينَ عَلَىٰ أَن نُّسَوِّيَ بَنَانَهُ
﴾ (القيامة: 4).
تُظهر هذه الآية الكريمة صورة من صور إبداع الخالق سبحانه وتعالى وهي خلق بصمات الأصابع (البنان) في الإنسان والتي ذكرت في القرآن منذ أكثر من الف وأربعمئة عام تقريباً، ولم يتوصل العلم إلى سر البصمة إلا عام 1884 في انجلترا، وقد ثبت أنه لا يمكن للبصمة أن تتطابق وتتماثل في شخصين في العالم، ولذلك فإن البصمة تعد دليلاً قاطعاً ومميزاً لشخصية الإنسان ومعمولاً به في كل بلاد العالم. - قوله تعالى: ﴿
وَاللَّهُ خَلَقَكُم مِّن تُرَابٍ ثُمَّ مِن نُّطْفَةٍ ثُمَّ جَعَلَكُمْ أَزْوَاجًا
﴾ (فاطر: 11).
تكلم القرآن الكريم عن مسألة الخلق قبل مئات السّنين، والوصف القرآني جاء دقيقاً لتسلسل خلق الإنسان في بطن أمّه بما يبهر العقول، وقد ذكر الله تعالى مراحل خلق الإنسان في عددٍ من الآيات في القرآن الكريم، أما العلم الحديث فلم يتمكن من اكتشاف هذه المراحل إلا بمساعدة الوسائل المتطورة والمعقدة، حيث تشير الدراسات العلمية أن جسم الإنسان يتكون من عناصر التراب، كما اثبت العلم أن البداية الحقيقية للجنين هي (النطفة) كما وصفها القرآن الكريم.
تناول القرآن الكريم الطبيعة في كثير من آياته، حيث عرض كثيراً من مشاهدها، ولفت النظر إلى كثير من دقائقها، ووضع الأيدي والأنظار على ما خفي من جمالها، والأمثلة على ذلك كثيرة منها:
- قوله تعالى: ﴿
وإِن مِّن شَيْءٍ إِلَّا عِندَنَا خَزَائِنُهُ
﴾ (الحجر: 21).
إن من أكثر القضايا التي تشغل الإنسان هي قضية الرزق، لهذا حرص القرآن الكريم على طمأنة الإنسان؛ فالخزائن بيد الله وحده يعطي من يشاء ويمنع من يشاء بحسب رحمته الواسعة وحكمته البالغة، فرزق الله لا ينفذ ومستودعات خزائنه أكبر من أن يحاط بها. - قوله تعالى: ﴿
وَأَرْسَلْنَا الرِّيَاحَ لَوَاقِحَ فَأَنزَلْنَا مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَأَسْقَيْنَاكُمُوهُ وَمَا أَنتُمْ لَهُ بِخَازِنِينَ
﴾ (الحجر: 22)
تبين هذه الآية الكريمة أن الرياح بمشيئة الله تشكّل السحب وتؤدي إلى التشبع والتكاثف والهطول للأمطار لينتفع به الإنسان، كما أشارات الآية الكريمة إلى حقيقة أخرى وهي أن دورة المياه في الطبيعة ثابتة فالماء لا يختزن ولا يحبس بل يتجدد باستمرار، فمجموع ما يتبخر هو مجموع ما ينزل من أمطار من السماء وهو ما يعادل 365 مليون كم3، وهذه الحقائق لم يدركها الإنسان إلا في أوائل القرن العشرين، وورودها في كتاب الله بهذه الدقة والوضوح والكمال العلمي يقطع بأن مصدرها الرئيسي هو الله الخالق العليم، ويجزم بأن القرآن الكريم هو كلامه سبحانه وتعالى. - قوله تعالى: ﴿
وَإِنَّ لَكُمْ فِي الْأَنْعَامِ لَعِبْرَةً نُّسْقِيكُم مِّمَّا فِي بُطُونِهِ مِن بَيْنِ فَرْثٍ وَدَمٍ لَّبَنًا خَالِصًا سَائِغًا لِّلشَّارِبِينَ
﴾ (النحل: 66).
تُعرض الآية الكريمة الأدلة على وحدانية الله سبحانه وتعالى من خلال عرض عظيم مخلوقاته، لأنه لا يخلق العظيم إلا من هو أعظم منه، ومن عظيم خلقه هذه الأنعام التي يشرب الإنسان لبنها، وهو لبن أبيض خالص من الشوائب، سهل شربه.
نظر الأقدمون إلى هذه الآية الكريمة وقالوا أن الله تعالى خلق اللبن وسطاً ما بين الفرث والدم، ففي هذا الموضوع أشار الأستاذ سعيد حوى في كتابه الرسول صلى الله عليه وسلم إلى: « أن الحليب قبل أن يصل إلى الثدي يتم تصفيته من الفضلات وذلك بعد الهضم ونزول السائل الحليبي إلى الأمعاء إذ تقوم الزغيبات المعوية بامتصاص المواد الغذائية طارحة إياها في الدم ومبقية الفضلات في الأمعاء لتطرح خارج الجسم، أما المواد الممتصة التي طرحت في الدم فيغذي قسم منها الجسم والقسم الآخر تصفيه الغدد اللبنية من الدم وترسله إلى الضرع حليباً خالصاً سائغاً للشاربين» (سعيد حوى، 2011، ص39). فهكذا قدم القرآن وصفاً علمياً لعملية كيماوية دقيقة لم تكتشف إلا في العصر الحديث.
إن المتتبع للقرآن الكريم يجده زاخراً بالآيات التي تحتوي على مضامين علمية تتعلق بالكون والإنسان، وهنا لا بد من التأكيد على أن القرآن الكريم هو كتاب هداية من الدرجة الأولى، وليس كتاب علوم فلا نفرط في التفسير العلمي، ولا ننبهر بما ظهر من العلوم والاكتشافات، فالحقائق القرآنية حقائق نهائية مطلقة ولكن ما توصل إليه البحث العلمي الإنساني حقائق غير ثابتة ومقيدة بحدود تجارب الإنسان فالقرآن الكريم هو الدليل الحقيقي على صحة العلوم وليس العكس فكل علم يتناقض مع القرآن الكريم هو علم مغلوط وكاذب.
الإعجاز التشريعي:
تلك التشريعات والنظم والمبادئ والمناهج التي قررها القرآن الكريم والقيم التي دعا إليها، والأسس التي أرساها والهداية التي قصدها. ويظهر بريق ولمعان الإعجاز التشريعي عندما نقارنه مع ما أقرته البشرية من تشريعات في تاريخها الطويل، فهذه التشريعات الوضعية يشوبها النقص والتناقض والمصلحة والهوى ولم تجلب للبشرية سعادةً ولا هناء، بينما التشريعات القرآنية لها من المميزات ما لا يشابهها مع التشريعات الأخرى.
للتشريعات القرآنية مزايا جعلتها تتفوق على غيرها من التشريعات الوضعية، ومنها ما ذكره الخالدي (2000) :
- التشريعات القرآنية مظهر لهداية القرآن الكريم، حيث أخبرنا الله عن هدف أساسي للقرآن، وهو هداية الناس إلى الله.
- التشريعات القرآنية حق وخير وصواب لأنها من عند الله، فيقول تعالى: ﴿ صِبْغَةَ اللَّهِ وَمَنْ أَحْسَنُ مِنَ اللَّهِ صِبْغَة ﴾ (البقرة: 138).
- لا يجوز أن نتعالم عليها أو ننتقدها أو نظن عدم صلاحيتها لنا في هذا العصر العلمي المتقدم مصداقاً لقوله تعالى: ﴿ أَأَنتُمْ أَعْلَمُ أَمِ اللَّهُ ﴾ (البقرة: 140).
- هي شاملة لحياة الأفراد والمجتمعات لا تدع مجالاً إلا وتشمله ولا جانباً إلا وتنظمه.
- واجب المسلم نحوها التزامها وتطبيقها ومراعاتها بعيداً عن الميل والهوى والمصلحة الشخصية، فإن لم يفعل فلا يكون مؤمناً، فقال تعالى ﴿ فَلَا وَرَبِّكَ لَا يُؤْمِنُونَ حَتَّىٰ يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لَا يَجِدُوا فِي أَنفُسِهِمْ حَرَجًا مِّمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيمًا ﴾ (النساء: 65).
- هذه التشريعات مظهر من مظاهر اليسر الرباني؛ لأن الله أراد لنا الخير وهو أعلم بطاقاتنا وحاجاتنا وما ينفعنا وما يضرنا. قال تعالى: ﴿ يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلَا يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ ﴾ (البقرة: 185).
- ناتج هذه المزايا في حالة تطبيقها والالتزام بها تنفيذ لشرع الله وحكمه وإلا انحراف وجاهلية، وشتان ما بين الحكمين. فقال تعالى: ﴿ أفَحُكْمَ الْجَاهِلِيَّةِ يَبْغُونَ وَمَنْ أَحْسَنُ مِنَ اللَّهِ حُكْمًا لِّقَوْمٍ يُوقِنُونَ ﴾ (المائدة: 50).
ذكر القرآن كم هائل من التشريعات القرآنية ومنها:
- قوله تعالى: ﴿
وَلَا تَقْتُلُوا أَنفُسَكُمْ إِنَّ اللَّهَ كَانَ بِكُمْ رَحِيمًا (29) وَمَن يَفْعَلْ ذَٰلِكَ عُدْوَانًا وَظُلْمًا فَسَوْفَ نُصْلِيهِ نَارًا (30)
﴾ (النساء: 30- 29).
لقد كرّم القرآن الإنسان، وبيَّن أنه خليفة الله في الأرض، وحرَّم قتل الإنسان لنفسه مما يُظهر حرص المولى على حياة الإنسان، كما حثه على عدم اليأس من رحمته وعدالته، ثم شرع القصاص لمن يقتل نفسه وبين أن القتل يعكس جهل الإنسان بآخرته وهذا هو الظلم للنفس. - قوله تعالى: ﴿
إ ِنَّمَا حَرَّمَ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةَ وَالدَّمَ وَلَحْمَ الْخِنزِيرِ وَمَا أُهِلَّ بِهِ لِغَيْرِ اللَّهِ
﴾ (البقرة: 173).
جاء تحريم الميتة لدفع ضررها، فقد تكون الميتة مسمومة أو مريضة أو منتفخة فلم يخرج الدم منها وذلك ما يعود بالأذى على الإنسان لما في الدم من تجمع للميكروبات والمواد الضارة. أما لحم الخنزير فكشف الطب الحديث عن وجود دودة شريطية في دمه ولحمه وأمعائه تسبب المرض للإنسان. وهذا ما ورد في كتاب الله الإ أن الطب لم يكتشفه إلا حديثاً.
فعظمة التشريعات الإسلامية اعترف بها حتى غير المسلمين حيث يقول العلامة القانوني سانيلانا (في الخطيب وحسن، 1946): "إن في الفقه الإسلامي ما يكفي المسلمين في تشريعهم المدني، إن لم نقل إن فيه ما يكفي للإنسانية كلها".
الإعجاز الغيبي في القرآن الكريم: تلك الأخبار والأنباء التي وردت في القرآن الكريم سواء أكانت في الزمن الماضي أو الحاضر او المستقبل.
أنواع الإعجاز الغيبي
يقسم الإعجاز الغيبي إلى ثلاثة أنواع:
أي تلك الأخبار التي حملها القرآن العظيم من قصص الأمم السابقة وقصص الأنبياء قبل النبي محمد (ﷺ) وما جرى فيما سبق من قرون.
أمثلة على الإعجاز الغيبي في الزمن الماضي:
- من الأمثلة التي صوبها القرآن الكريم ما جاء في «سفر التكوين» من العهد القديم المحرف ما قاله الأحبار ونسبوه إلى الله ، فقالو أن الله قد تعب بعد خلق السموات والأرض في ستة أيام ولهذا استراح في اليوم السابع لحاجته للراحة وأصبح ذلك يوماً مقدساً ولذلك يستريح اليهود فيه، وهذا افتراء وكفر لأنه لا يجوز أن ينسب إلى الله تعب أو نصب لأن التعب من صفات البشر ولهذا صحح القرآن العظيم هذه المقولة المغلوطة كما جاء في قوله تعالى: ﴿ وَلَقَدْ خَلَقْنَا السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ وَمَا مَسَّنَا مِن لُّغُوبٍ ﴾ (ق: 38).
- إخبار القرآن الكريم عن قصة فرعون وقومه عندما لحقوا بالنبي موسى فاعترضهم البحر جميعاً، فقال تعالى: ﴿
فَالْيَوْمَ نُنَجِّيكَ بِبَدَنِكَ لِتَكُونَ لِمَنْ خَلْفَكَ آيَةً وَإِنَّ كَثِيرًا مِّنَ النَّاسِ عَنْ آيَاتِنَا لَغَافِلُونَ
﴾ (يونس: 92).
فتحدثت هذه الآية عن فرعون مصر الغريق زمن سيدنا موسى عليه السلام وذلك قبل آلاف السنين ليجدها المنقبون سنة 1898 م في وادي الملوك بمصر حيث أكد العلماء أن هذه الجثة كان سبب موتها تلاطم الأمواج كما ذكر القرآن الكريم.
يمكن النظر إلى الإعجاز الغيبي في الزمن الحاضر من زاويتين وهما:
- ما جاء في القرآن من عوالم الغيب التي لم يرها الناس بأبصارهم كالذات الإلهية والملائكة الحفظة الذين يسجلون أعمالنا والذين وصفهم الله في كتابه ، فقال تعالى: ﴿ وَإِنَّ عَلَيْكُمْ لَحَافِظِينَ (10) كِرَامًا كَاتِبِينَ (11) يَعْلَمُونَ مَا تَفْعَلُونَ (12) ﴾ (الإنفطار: 12- 10).
- ما جاء في القرآن الكريم من عوالم الغيب التي حدثت في عهد النبي محمد صلى الله عليه وسلم خاصة فيما يتعلق بمقارعة الكافرين والمنافقين وفضح مؤامراتهم مصداقاً لقوله تعالى: ﴿ يَحْذَرُ الْمُنَافِقُونَ أَن تُنَزَّلَ عَلَيْهِمْ سُورَةٌ تُنَبِّئُهُم بِمَا فِي قُلُوبِهِمْ قُلِ اسْتَهْزِئُوا إِنَّ اللَّهَ مُخْرِجٌ مَّا تَحْذَرُونَ (64) وَلَئِن سَأَلْتَهُمْ لَيَقُولُنَّ إِنَّمَا كُنَّا نَخُوضُ وَنَلْعَبُ قُلْ أَبِاللَّهِ وَآيَاتِهِ وَرَسُولِهِ كُنتُمْ تَسْتَهْزِئُونَ ﴾ (التوبة: 65-64).
وهو ما جاء في القرآن الكريم من كشف ستار الغيب من أحداث ووقائع ستقع في المستقبل، ثم وقعت كما أخبر القرآن الكريم.
أمثلة على الإعجاز الغيبي في المستقبل:
- إخبار القرآن الكريم بهزيمة المشركين وانتصار المسلمين يوم بدر في قوله تعالى: ﴿ سَيُهْزَمُ الْجَمْعُ وَيُوَلُّونَ الدُّبُرَ ﴾ (القمر: 45).
- إخبار القرآن العظيم بحتمية انتصار الروم على الفرس في بضع سنين في قوله تعالى: ﴿ الم (1) غُلِبَتِ الرُّومُ (2) فِي أَدْنَى الْأَرْضِ وَهُمْ مِنْ بَعْدِ غَلَبِهِمْ سَيَغْلِبُونَ (3) فِي بِضْعِ سِنِينَ لِلَّهِ الْأَمْرُ مِنْ قَبْلُ وَمِنْ بَعْدُ وَيَوْمَئِذٍ يَفْرَحُ الْمُؤْمِنُونَ ﴾ (الروم: 3-1).
نشاط (1)
عزيزي الطالب، يدعي الملحدون أنهم لا يؤمنون بالغيب وأن كل غيب في نظرهم عبارة عن مجرد أوهام، فكيف ترد عليهم بالحجج والبراهين من القرآن العظيم.
يقرر القرآن الكريم أن الإنسان مكون من جسد وروح يتكاملان مع بعضهما البعض، فالجسد يشبعه الطعام والشراب والشهوات، أما
الروح
فإنها أقرب إلى الحياة الباقية، فهي تمثل مرحلة الخلود مقابل الجسد الذي سرعان ما يضمحل ويتلاشى. فقال تعالى : ﴿
وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الرُّوحِ قُلِ الرُّوحُ مِنْ أَمْرِ رَبِّي وَمَا أُوتِيتُم مِّنَ الْعِلْمِ إِلَّا قَلِيلًا
﴾ (الإسراء: 85).
إن من أبرز سمات العصر الحالي تعلقه الشديد بالمادة، فظهرت الأنانية وشاع الفساد وقُدست المادة، ولا بد من إعادة البناء الروحي للإنسان من خلال القرآن الكريم ليعيد توازنه؛ فالقرآن بمثابة الروح لما له من أثر في إحياء نفوس الخلائق. ولكي يخرج الإنسان من عبودية المادة إلى الرقي الروحي لا بد من تربية الروح وفق المعايير التالية:
- تغذية الروح بالعبادات والطاعات.
- استمرار الصلة بالله تعالى سراً وعلانية.
- تنشئة الجسم منذ الصغر على روح العبادة حقيقةً لا شكلاً.
- تحكيم شرع الله في أمور حياتنا.
ثمار التربية الروحية
يترتب على هذه التربية الروحية للإنسان ثمار عدة من أهمها:
- إعادة التوازن إلى جسم الإنسان.
- الطمأنينة وزيادة الراحة النفسية عند الإنسان.
- الثقة بالله تعالى.
- الابتعاد عن الرذائل والفواحش.
على أثر التقدم العلمي ازدادت الدراسات عن النفس الإنسانية وقامت دراسات متنوعة في علم النفس التحليلي، وكان لاكتشاف العقل الباطن على يد عالم النفس (فرويد) صدى كبيراً في شتى بقاع الأرض، فبعد أن تم اكتشافه أجريت دراسات عديدة أحدثت ضجة كبيرة، وعلى ضوء ذلك توسعت الدراسات النفسية كثيراً وأصبح هناك قسم في علم النفس بالجامعات وتخصص الكثيرون في الطب النفسي. وبناءاً على ذلك لو تساءلت ما موقع النفس الإنسانية في القرآن الكريم؟؟ دعا القرآن الكريم المؤمنين إلى التبصر في أنفسهم، فقال تعالى: ﴿
وَفِي الْأَرْضِ آيَاتٌ لِّلْمُوقِنِينَ(20) وَفِي أَنفُسِكُمْ أَفَلَا تُبْصِرُونَ (21)
﴾ (الذاريات: 21-20 ). فالقرآن الكريم له أثره البعيد والمعجز في القلوب والنفوس، فجاءت الدراسات النفسية في القرآن الكريم تصف النفس الإنسانية في مختلف حالاتها، سوية وشاذة، خيرة وشريرة، مؤمنة وكافرة.
إن القرآن الكريم كتاب تربية وتوجيه، فهو لا يحتوي نظريات عن النفس البشرية ولكن فيه معلومات كثيرة تدل على إعجازه النفسي وأنه من عند الله تعالى، ومن ذلك ما يلي:
ذكر القرآن الكريم أن الإنسان مخلوق مزدوج التكوين؛ فهو من أصل مادي وأصل روحي، قال تعالى:﴿ فَإِذَا سَوَّيْتُهُ وَنَفَخْتُ فِيهِ مِن رُّوحِي فَقَعُوا لَهُ سَاجِدِينَ ﴾ (الحجر: 29) ، فالطين هو الجانب المادي، والروح هي الجانب المعنوي المشرق فيه، فحياة الجانب المادي تكون بالأشربة والأطعمة والرياضات، وحياة الروح تكون بالطاعات والعبادات، ولا تستقيم النفس إلا بالتوازن بين الجانبين.
وتنشأ هذه عن ازدواجية الخلق وتتمثل في قدرة الإنسان على السير في الطريق الذي يريده، سواء أكان حقاً أم باطلاً، خيراً أم شراً. ويتضح ذلك من قوله تعالى: ﴿ وَنَفْسٍ وَمَا سَوَّاهَا (7) فَأَلْهَمَهَا فُجُورَهَا وَتَقْوَاهَا (8) قَدْ أَفْلَحَ مَنْ زَكَّاهَا (9) وَقَدْ خَابَ مَنْ دَسَّاهَا (10) ﴾ (الشمس: 10-7).
فقد قرر القرآن أن الإنسان ضعيف أمام إغواء الشيطان ووساوسه، فقد وقع آدم أبو البشر في مصيدة الشيطان حين أكل من الشجرة، قال تعالى:﴿ وَلَقَدْ عَهِدْنَا إِلَىٰ آدَمَ مِن قَبْلُ فَنَسِيَ وَلَمْ نَجِدْ لَهُ عَزْمًا ﴾ (طه: 115).
وصف القرآن العظيم النفس الإنسانية فأظهر ما فيها من دوافع نحو الحياة كخلافته في الأرض، وتلبيته حاجاته الجسمية (الشهوات)، فالقرآن الكريم جعل لهذه الدوافع ضوابط تشبه الميزان، وبهذا يكون هناك توجيه للإنسان لما وراء الدنيا.
فقد كشف القرآن العظيم ما يخفيه الإنسان داخل نفسه وأطلعهم على ما كان مكتوماً داخل نفوسهم، ومن الأمثلة على ذلك ما كان يدور بين المنافقين من أحاديث وتآمر على الرسول (ﷺ)والمسلمين، مصداقاً لقوله تعالى: ﴿ أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ نُهُوا عَنِ النَّجْوَىٰ ثُمَّ يَعُودُونَ لِمَا نُهُوا عَنْهُ وَيَتَنَاجَوْنَ بِالْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ وَمَعْصِيَتِ الرَّسُولِ وَإِذَا جَاءُوكَ حَيَّوْكَ بِمَا لَمْ يُحَيِّكَ بِهِ اللَّهُ وَيَقُولُونَ فِي أَنفُسِهِمْ لَوْلَا يُعَذِّبُنَا اللَّهُ بِمَا نَقُولُ حسبهم جهنم يَصْلَوْنَهَا فَبِئْسَ الْمَصِيرُ ﴾ (المجادلة: 8).
وهو الإعجاز في التأثير على النفوس عند سماع القرآن الكريم، فلا ينكر عاقل ما في القرآن الكريم من بيان يسحر أولي الألباب. وهناك جوانب عدة لتأثير القرآن الكريم في النفس البشرية وهي:
ويظهر شدة تأثيره كما جاء في قوله تعالى حتى لو كان المخاطب جبلاً لتزلزل وتصدع، قال تعالى: ﴿ َلَوْ أَنزَلْنَا هَٰذَا الْقُرْآنَ عَلَىٰ جَبَلٍ لَّرَأَيْتَهُ خَاشِعًا مُّتَصَدِّعًا مِّنْ خَشْيَةِ اللَّهِ ﴾ (الحشر: 21).
ويظهر هذا التأثير من خلال قصة أبي سفيان مع أبي جهل بن هشام والأخنس بن شريق كما جاءت في
سيرة ابن هشام (1990) : (روى ابن هشام أنهم خرجوا ليلاً ليستمعوا ماذا يقول رسول الله وهي تصلي في بيته فيأخذ كل واحد منهم
مجلساً دون علم أو معرفة من الآخرين، وبقوا كذلك حتى طلع الفجر، فتفرقوا، فجمع بينهم الطريق، وكان أن اتفقوا على
ألا يعودوا، وفي الليلة الثانية عاد كل واحد منهم إلى مجلسه ظناً منه أن أحداً لن يراه وحين طلع الفجر جمعهم الطريق
ثانيةً فتلاوموا ثم انصرفوا، وهكذا حصل في الليلة الثالثة وحين اجتمعوا قالوا: لا نبرح حتى نتعاهد ألا نعود.
وتظهر هذه القصة أن تأثير القرآن كان كبيراً جداً حتى إنه أسر قلوب ألد أعداء الإسلام).
ويأتي في صدارة الذين تأثروا بالقرآن العظيم رسولنا الكريم محمد (ﷺ) فقد نزل على قلبه الأمين، ولطالما كان يذرف الدموع وهو يتلو أو يستمع إلى نور الله المبين. ومن الأمثلة المشهورة في ذلك ما رواه البخاري عن عبد الله بن مسعود-رضي الله عنه- أنه قال: قال لي رسول الله: اقرأ علي! قلت: أقرأ عليك وعليك نزل؟ قال: نعم إني أحب أن أسمعه من غيري. فقرأت سورة النساء حتى أتيت على: ﴿ فَكَيْفَ إِذَا جِئْنَا مِن كُلِّ أُمَّةٍ بِشَهِيدٍ وَجِئْنَا بِكَ عَلَىٰ هَٰؤُلَاءِ شَهِيدًا ﴾ (النساء: 41)، فقال : حسبك الآن.....فإذا عيناه تذرفان .(البخاري في تفسير القرآن باب: فكيف إذا جئنا من كل أمة بشهيد).
كما حدث مع المرأة اليوغسلافية عندما استمعت لسيد قطب وهو يقرأ القرآن على ظهر السفينة المتوجهة لأمريكا، وهذه الرواية لسيد قطب يروي ما حدث معها وكيف تأثرت هذه المرأة بالقرآن الكريم:
” كنا ستة نفر من المنتسبين إلى الإسلام، على ظهر سفينة مصرية تمخر بنا عباب المحيط الأطلسي إلى نيويورك، من بين عشرين ومائة راكب وراكبة أجانب وخطر لنا أن نقيم صلاة الجمعة في المحيط على ظهر السفينة وقمت بخطبة الجمعة، وإقامة الصلاة، والركاب الأجانب معظمهم متحلقون ينظرون ، وبعد ذلك جاء كثيرون يهنئوننا على نجاح الصلاة – القداس كما يسمونه – إلا سيدة يوغسلافية هاربة من جحيم تيتو وشيوعيته زعيم يوغسلافيا في تلك الفترة كانت شديدة التأثر والانفعال، تفيض عيناها دمعاً أقبلت وأخذت تشد على أيدينا بحرارة وقالت: إنها لا تملك نفسها من التأثر العميق بصلاتنا هذه لما فيها من خشوع ونظام وروح، ثم تساءلت عن اللغة التي كان يقرأ بها وقالت إنها شيء آخر مملوء من الروح القدس على حد تعبيرها“ (قطب ،1972، ص 1786).
عزيزي الطالب، تمعن في هذه الآيات الكريمة، ثم حدد نوع الإعجاز الموجود فيها بسحب الإجابة الصحيحة إلى المكان المخصص لها.
نشاط (2) جاء القرآن الكريم هداية للناس أجمعين، واشتمل على أحكام تشريعية تكفل سعادة العباد في الدنيا والآخرة. عزيزي الطالب، قارن بين التشريع الرباني والتشريعات الوضعية ومن ثم قم باعطاء أمثلة تبين الفروقات بينهما.
- مقدمة
- النقلة التي أحدثها القرآن في العرب
- النقلة التي أحدثها القرآن في العالم
- أبرز الجوانب الثقافية التي أثر فيها القرآن الكريم
- الثقافة الإسلامية ومستقبل البشرية
- نشاط
- اختبر نفسك
لم يؤثر كتاب قط في هذا الوجود كما أثر القرآن الكريم، فما أن بدأت آيات القرآن الكريم تتنزل على رسولنا وشاع صداها في مكة حتى أحدثت شبه صدمة فكرية أدت إلى نسف وتغيير الكثير من المفاهيم التي كانت سائدة آنذاك. فالقرآن العظيم بدأ بتصحيح العقيدة واستخدم أسلوباً جديداً يقوم على إعمال العقول ودفعها نحو تدبر كلام الله، كما عدّل الإسلام نظرة الإنسان إلى الكون والحياة، فطلب من المؤمنين أن يوازنوا بين إقامة شعائر العبادات وإقامة شؤون الحياة.
بعد الانتهاء من هذا الموضوع، ستكون قادراً على أن:
- توضح النقلة التي أحدثها القرآن الكريم في العرب .
- تحدد جوانب النقلة التي أحدثها القرآن الكريم في العالم.
- تبين أبرز الجوانب الثقافية التي أثر فيها القرآن الكريم.
- توضح دور الثقافة الإسلامية في مواجهة التحديات وإنقاذ مستقبل البشرية.
أحدث القرآن الكريم نقلة كبيرة في حياة العرب، وتظهر هذه النقلة من خلال هذا النص الذي ألقاه جعفر بن أبي طالب –رضي الله عنه- أمام النجاشي ملك الحبشة فهو يعكس تماماً ما أحدثه القرآن العظيم في العرب حيث يقول:
"بعث الله إلينا رسولاً نعرف نسبه وصدقه وأمانته وعفافه فدعانا إلى الله لنوحده، ونعبده ونخلع ما كنا نعبد نحن وآباؤنا من دونه من الحجارة والأوثان، وأمرنا بصدق الحديث، وأداء الأمانة وصلة الرحم وحسن الجوار، والكف عن المحارم والدماء، ونهانا عن الفواحش، وقول الزور، وأكل مال اليتيم، وقذف المحصنات، وأمرنا أن نعبد الله وحده لا نشرك به شيئاً وحرمنا ما حرم علينا وأحللنا ما أحل" (ابن هشام ، 1955، ص 336).
نقل القرآن الكريم هذه القبائل العربية من جاهليتهم وأخذ بأيديهم إلى الهداية، وبين الأستاذ (محمد المبارك) بعض جوانب هذه النقلة النوعية التي حدثت في حياة العرب كما ذكرها الكيلاني (في الكيلاني، 1995):
- أخرج القرآن الكريم العرب من مرحلة الضلال والحيرة إلى مرحلة المثل الأعلى، فأصبح الإسلام فلسفتهم وجوهرهم الفكري والنفسي وبيئتهم الثقافية والمعنوية.
- سلم الإسلام العرب القيادة الفكرية داعين مبلغين، والقيادة السياسية حماة حاكمين، فاصبحوا فكر واحد وعقيدة واحدة بلسان واحد وهو القرآن الكريم، كما أصبحوا حماة للعقيدة الإسلامية وحاكمين وفق أحكام هذه العقيدة.
- نقل العرب إلى الطور النهائي من أطوار الأمم منذ أن حملهم المسؤولية العالمية وذلك على أثر نقلهم من مسؤولية القبيلة إلى مسؤولية العالم مرة واحدة، وهذه النقلة تحتاج إلى مئات السنين في الأحوال العادية، فالقرآن الكريم نقلهم من مسؤولية القبيلة التي كانت عالمهم والتي كانت مصلحتها فوق الحق والعدل، إلى مسؤولية العالم دفعة واحدة وذلك بعد نزول القرآن الكريم.
أحدث القرآن الكريم نقلة واسعة على مستوى العالم لم يحدث مثلها في التاريخ، ومن جوانب هذه النقلة:
-
المعرفة: اعتمدت المعرفة قبل الإسلام على الحواس والعقل، وقد تسللت إليها العديد من الخرافات والأساطير وأقوال الكهنة والعرافين، أما المعرفة وفق المنظور الإسلامي فتقوم على معايير وضوابط وتتمثل في ثلاثة جوانب وهي:
- الوحي، وهي أشرفها وأصدقها.
- العقل.
- الحس.
- العقيدة: أحدث القرآن نقلة واعية في العقيدة؛ حين نقلها من العقيدة السلبية المنحرفة إلى العقيدة الإيجابية الصحيحة المتعلقة بالإله والإنسان والكون والحياة، فعمل القرآن الكريم على تحرير عقول الناس من الخرافات والأوهام وعبادة الأوثان.
- الأخلاق: اتسمت الأخلاق قبل الإسلام بالطابع الفلسفي، فنظر البعض إلى أن الحياة المادية هي كل شيء، ونظر آخرون إلى أن الحياة لا شيء يذكر وليس لها حقيقة بل هي خيال. أما نظرة الإسلام فجاءت منظومة أخلاقية راقية متوازنة تقوم على معايير وقيم وتجمع بين الدنيا والآخرة.
- التشريع: لم يعرف العالم قبل الإسلام نظاماً تشريعياً يتصف بالصلاحية الدائمة، أما التشريع القرآني العظيم فاتصف بالصلاحية الدائمة في كل زمان ومكان لأنه تشريع إلهي صادر عن خالق هذا الإنسان وهو أعلم بتدبير شؤونه.
من أبرز الجوانب الثقافية التي أثر فيها القرآن الكريم :
وهي العلوم المتعلقة بالقرآن الكريم الذي يشكل المحتوى الفكري للدين الإسلامي، وتقسم العلوم الدينية إلى:
- علوم القرآن: وهو ما يتعلق بالنص القرآني، تفسيره وأحكامه وبيانه.
- علوم التشريع: ويطلق عليه الفقه الإسلامي، وهو يتناول الأحكام التي تنظم حياة الفرد والمجتمع والدولة.
- علوم العقيدة: حرص القرآن الكريم على بناء العقيدة وتصحيح منهاج النظر والفكر وتوضيحه، وذلك بغرس عقيدة الإيمان وتثبيت أركانها، ولهذا عمل القرآن الكريم على تحرير عقول الناس من الخرافات والأوهام وعبادة الأوثان، وقد حدد القرآن الكريم أركان العقيدة الإسلامية (أركان الإيمان)، فقال تعالى: ﴿ آمَنَ الرَّسُولُ بِمَا أُنزِلَ إِلَيْهِ مِن رَّبِّهِ وَالْمُؤْمِنُونَ كُلٌّ آمَنَ بِاللَّهِ وَمَلَائِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ ﴾ (البقرة: 285).
كان للقرآن الكريم دور كبير في توجيه الأنظار نحو علوم اللغة، ولهذا يظهر الفضل الأكبر في نهضة وتطور علوم اللغة إلى القرآن الكريم، وتقسم العلوم اللغوية إلى:
- علم اللغة: نشأ هذا العلم نتيجة لرحلات علماء اللغة في البادية، حيث كانوا يجمعون المفردات اللغوية من سكانها الّذين لم تفسد لغتهم، حيث تم تدوينها بعد ترتيبها في معاجم وهكذا نشأت المعاجم اللغوية.
- علم النحو: نشأ هذا العلم في البصرة والكوفة، ويعود السبب لتطور هذا العلم إلى انتشار اللحن على أثر حركة الفتوح واختلاط العرب بالأعاجم.
- الأدب والشعر: لقد ساعد على تنشيط الحركة الأدبية اهتمام الخلفاء والأمراء فيها، بالإضافة إلى ظاهرة الامتزاج الثقافية التي تمت بين الأدب العربي والآداب الأجنبية.
ازدهرت هذه العلوم على أثر الامتزاج الحضاري بين الحضارة الإسلامية والحضارات الأخرى، ومن أهم العلوم العقلية:
- علم الكلام: يتضمن علم الكلام مباحث العقيدة والقدرة على مناقشتها بواسطة الأدلة العقلية والمنطقية.
- علم الفلك والرياضيات: فلم تقتصر الثقافة الإسلامية على علوم الدين والأدب، وإنما امتدت إلى الجوانب العلمية التجريبية. فالثقافة الإسلامية اهتمت اهتماماً بالغاً في هذه العلوم وهناك أقوال كثيرة تؤكد ذلك ومنها قول المسيوسيديو (2009\ 1969): "كان العرب وحدهم ممثلي الحضارة في القرون الوسطى"، كما يؤكد المسيو شال (في محمود الخالدي، 1983، ص 255) "أن علم المثلثات مدين للعرب بما أدخلوا عليه من التحسينات الكثيرة".
- علم الكيمياء والفيزياء: قام العلماء العرب المسلمون بأول الدراسات العلمية في مجال الكيمياء والفيزياء، فهم الذين أسسوا العلوم الطبيعية بعد أن كانت دراسات عامة، والشواهد على ذلك كثيرة ومنها قول المفكر فريدريك سانج (في الشرقاوي، 1987، ص20) : "يجب عدّ العرب مؤسسين حقيقيين للعلوم الفيزيائية”.كما في كتاب المسلمون علماء وحكماء.
- علم الطب: عني علماء العرب بالطب عناية كبيرة وكشفوا كثيراً من الأمراض، ووضعوا مؤلفات طبية سرعان ما ترجمت إلى اللغات الأوربية، ومن أشهر علماء المسلمين بالطب الرازي، الذي كان من أشهر كتبه الحاوي والذي نقل إلى أكثر لغات العالم.
- علم الجغرافية: كان للمسلمين الفضل الأكبر في تطور هذا العلم، وهو ما أقر به الدكتور غوستاف لوبون (2012 \ 1883، ص 484) «فالعرب هم الذين انتهوا إلى معارف فلكية مضبوطة، من الناحية العلمية عدت أول أساس للخرائط فصححوا أغاليط اليونان العظيمة، والعرب من ناحية الريادة هم الذين نشروا رحلات عن بقاع العالم التي كان يشك الأروبيون في وجودها».
قدم القرآن الكريم العديد من مبادئ الاقتصاد، ومن أبرز المبادئ الاقتصادية التي أشار إليها القرآن الكريم:
- العمل المنظم بعد الفراغ من العبادة، قال تعالى: ﴿ فَإِذَا قُضِيَتِ الصَّلَاةُ فَانتَشِرُوا فِي الْأَرْضِ وَابْتَغُوا مِن فَضْلِ اللَّهِ ﴾ (الجمعة: 10).
- صيانة المال: فقد حذر المولى جل شأنه من وضع المال بأيدي من لا يحسن المحافظة عليه، قال تعالى: ﴿ وَلَا تُؤْتُوا السُّفَهَاءَ أَمْوَالَكُمُ ﴾ (النساء: 5).
- الاعتدال في النفقة مصداقاً لقوله تعالى: ﴿ وَلَا تَجْعَلْ يَدَكَ مَغْلُولَةً إِلَىٰ عُنُقِكَ وَلَا تَبْسُطْهَا كُلَّ الْبَسْطِ فَتَقْعُدَ مَلُومًا مَّحْسُورًا ﴾ (الإسراء: 29).
- تحريم الربا: حرم القرآن الكريم الربا لما يترتب عليه من فساد في الحياة، قال تعالى: ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَذَرُوا مَا بَقِيَ مِنَ الرِّبَا إِن كُنتُم مُّؤْمِنِين َ ﴾ (البقرة: 278).
- تنظيم المداينة مصداقاً لقوله تعالى: ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا تَدَايَنتُم بِدَيْنٍ إِلَىٰ أَجَلٍ مُّسَمًّى فَاكْتُبُوهُ وَلْيَكْتُب بَّيْنَكُمْ كَاتِبٌ بِالْعَدْلِ ﴾ (البقرة: 282).
- العقوبات، أي العقوبة أو الجزاء التي تحمل طابع الردع لمن يسبب أذى للمجتمع، أو يتجاوز ما نصت الشريعة الإسلامية على تحريمه، مثل عقوبة السارق التي حددها القرآن الكريم، قال تعالى: ﴿ وَالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ فَاقْطَعُوا أَيْدِيَهُمَا جَزَاءً بِمَا كَسَبَا نَكَالًا مِّنَ اللَّهِ وَاللَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ ﴾ (المائدة: 38).
يعيش العالم العربي والإسلامي غربة ثقافية، ويواجه تحديات كبيرة نتيجة لموجة الهجمات الاستعمارية والتي ترتب عليها غزو فكري واقتصادي واجتماعي، ونتيجة لهذا الغزو الاستعماري والفكري فإن الثقافة الإسلامية تواجه تحديات ثقافية عدة وهي:
- تحديات الفكر الغربي المسيحي العلماني.
- تحديات الفكر اليهودي التلمودي الربوي الإباحي المادي.
- تخلف المسلمين في مجال العلم التجريبي مقابل التقدم الهائل الذي وصل إليه غير المسلمين، واكتفاء المسلمين بالتقليد الأعمى للغربيين في مجالات زائفة كاللباس والرياضة غير الهادفة وبعض العادات الاجتماعية.
- الدعوة إلى العامية واستخدام اللغات العالمية الأخرى واستبعاد اللغة العربية وتشجيع اللغات المحلية.
يمكن للثقافة الإسلامية أن تتحول إلى ثقافة إنقاذ توجه الأمة وتصحح مسيرتها لتأخذ دورها في إنقاذ البشرية من ضلالتها، ومن أبرز السبل التي يمكن للثقافة الإسلامية أن تتبعها لإنقاذ البشرية:
- أن تدفع الأمة إلى تحمل مسؤوليتها من جديد، فتحصن أبناءها بثقافة القرآن الكريم من خلال ربط الماضي بالحاضر.
- توجيه الأمة بزراعة بذور الثقة في نفوس أبنائها وتحفيزهم على العمل لقيادة البشرية. قال تعالى: ﴿ كُنتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ ﴾ (آل عمران: 110).
- توطيد الثقة بمستقبل هذه الأمة لأنها تحمل بذور الخير التي إذا ما زرعت بأرض صالحة أنبتت وأثمرت وآتت أكلها، قال تعالى: ﴿ الَّذِينَ إِن مَّكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ ﴾ (الحج: 41).
- التأكيد على تأثير الثقافة الإسلامية العقلي والسلوكي لدى المجتمع الإنساني.
- إن المجتمع البشري متعطش تماماً إلى المبادئ والقيم الثابتة النابعة من دروب الهدى والنور، فالمجتمعات البشرية غرقت بالانحرافات الخلقية والاجتماعية، كما أنها تعاني من القلق النفسي والفراغ الروحي بعد أن غرقت بالمادية، والثقافة الإسلامية هي الدواء لأنها تستجيب لمتطلبات النفس البشرية وتلبي حاجاتها بتوازن مادي وروحي، مثالي وواقعي.
نشاط (1)
للعرب إسهامات حضارية عالمية عظيمة، فقد كان لعلماء المسلمين في عصر الحضارة الإسلامية مكانة مرموقة ومهمة في الكثير من المجالات، فاستفاد العالم أجمع من الإرث الذي تركوه. عزيزي الطالب، أذكر بعضًا من ابداعاتهم وانجازاتهم في هذه المجالات وناقشها مع زملائك من خلال صفحة الفيس بوك الخاصة بالمقرر.
ابن هشام، عبدالملك. (1955). السيرة النبوية . تحقيق: السقا وآخرون. (ط.2). القاهرة، مصر: مكتبة مصطفى البابي الحلبي. بوكاي، موريس. (1976). القرآن الكريم والتوراة والإنجيل والعلم . القاهرة، مصر: دار المعارف. جامعة القدس المفتوحة. (2014)، مقرر الثقافة الإسلامية . عمان، الأردن: جامعة القدس المفتوحة. الجرجاني، عبدالقاهر. (1992). دلائل الإعجاز في علم المعاني . تحقيق: محمود شاكر. (ط.3). جدة، السعودية: دار المدني. الجرجاني، علي. (1983). التعريفات . (ط.1). بيروت، لبنان: دار الكتب العلمية. حوى، سعيد. (2011). الرسول صلى الله عليه وسلم . عمان، الأردن: دار عمار. الخالدي، صلاح. (2000). إعجاز القرآن البياني ودلائل مصدره الرباني . (ط.2). عمان، الأردن: دار عمار. الخالدي، محمود. (1983) الأصول الفكرية للثقافة الإسلامية . عمان، الأردن: دار الفكر. الخطابي، محمد. (1976). بيان إعجاز القرآن . تحقيق: محمد خلف الله ومحمد زغلول .(ط.3) القاهرة، مصر: دار المعارف. الخطيب، حسن. (1946). الشريعة الإسلامية وأعلام القانون في هذا العصر . مجلة الرسالة. 689. دراز، محمد. (2005). النبأ العظيم . الكويت، الكويت: دار القلم للنشر والتوزيع. الرافعي، مصطفى. (2005). إعجاز القرآن والبلاغة النبوية . (ط.8). بيروت، لبنان: دار الكتاب العربي. سيديو، لويس. تاريخ العرب . (2009). (عادل زعيتر، مترجم). القاهرة، مصر: عيسى البابي الحلبي. (1969). الشرقاوي، حسن.(1987). المسلمون علماء وحكماء . (ط.1). القاهرة، مصر: مؤسسة مختار. قطب، سيد. (1972 ). في ظلال القرآن . بيروت، لبنان: دار إحياء التراث العربي. لوبون، غ. (2012). حضارة العرب . (عادل زعيتر، مترجم). القاهرة، مصر: مؤسسة هنداوي. (1883). كيلاني، إبراهيم وآخرون. (1995). دراسات في الفكر العربي الإسلامي . عمان، الأردن: دار الفكر.